كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 25)

مَمْلُوكٌ لِلرَّاهِنِ، فَالْمَنْفَعَةُ تَكُونُ عَلَى مِلْكِهِ، وَلاَ يَسْتَوْفِيهَا غَيْرُهُ إِلاَّ بِإِيجَابِهَا لَهُ. وَعَقْدُ الرَّهْنِ لاَ يَتَضَمَّنُ إِلاَّ مِلْكَ الْيَدِ لِلْمُرْتَهِنِ لاَ مِلْكَ الْمَنْفَعَةِ فَكَانَ مَالُهُ فِي الاِنْتِفَاعِ بَعْدَ عَقْدِ الرَّاهِنِ كَمَا كَانَ قَبْلَهُ.
وَهَذَا إِذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الرَّاهِنُ، فَإِنْ أَذِنَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ بِالسُّكْنَى فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي سُكْنَى الرَّاهِنِ لِلدَّارِ الْمَرْهُونَةِ (1) . وَانْظُرْ مُصْطَلَحَ (رَهْن) .

غَصْبُ السُّكْنَى:
25 - ذَهَبَ الْجُمْهُورُ مِنَ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْغَصْبَ يَقَعُ عَلَى السُّكْنَى؛ لأَِنَّهَا مَنْفَعَةُ عَقَارٍ وَغَصْبُ الْعَقَارِ مُمْكِنٌ، فَمَنْ مَنَعَ آخَرَ مِنْ سُكْنَى دَارِهِ يَكُونُ غَاصِبًا لِلسُّكْنَى، لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ ظَلَمَ قَيْدَ شِبْرٍ مِنَ الأَْرْضِ طَوَّقَهُ اللَّهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ وَفِي لَفْظٍ: مَنْ غَصَبَ شِبْرًا مِنَ الأَْرْضِ (2) .
__________
(1) الشرح الكبير للدردير 3 / 208، 218، وحاشية الدسوقي عليه، المبسوط 21 / 106، تحفة المحتاج 5 / 76 كشاف القناع 2 / 155، والمغني 4 / 434، ومجمع الضمانات ص 604، 609.
(2) حديث: " من ظلم قيد شبر من الأرض ". أخرجه البخاري (الفتح 6 / 292، 293 ط - السلفية) ومسلم (3 / 1231 - 1232 ط الحلبي) من حديث عائشة.
فَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُل بِمَنْطُوقِهِ عَلَى إِمْكَانِ وُقُوعِ الْغَصْبِ عَلَى الْعَقَارِ؛ لأَِنَّهُ أَسْنَدَ الْغَصْبَ إِلَى الأَْرْضِ، وَالإِْسْنَادُ دَلِيل الْوُقُوعِ وَإِمْكَانُهُ فَإِذَا ثَبَتَ وُقُوعُ الْغَصْبِ عَلَى الْعَقَارِ فَيَثْبُتُ عَلَى مَنَافِعِهِ الَّتِي مِنْهَا سُكْنَى الدُّورِ.
وَلأَِنَّ الْغَصْبَ يَتَحَقَّقُ بِإِثْبَاتِ يَدِ الْغَاصِبِ وَإِزَالَةِ يَدِ الْمَالِكِ، وَهَذَا يَتَحَقَّقُ فِي الدَّارِ وَالْعَقَارِ. فَالْغَاصِبُ يُثْبِتُ يَدَهُ الْمُعْتَدِيَةَ وَيُزِيل يَدَ الْمَالِكِ الْمُحِقَّةَ، وَالْيَدُ هِيَ الْقُدْرَةُ عَلَى التَّصَرُّفِ، وَعَدَمُهَا يَتَمَثَّل فِي عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّصَرُّفِ. فَإِنْ أَثْبَتَ الْغَاصِبُ يَدَهُ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ السُّكْنَى لاَ يَتَحَقَّقُ فِيهَا الْغَصْبُ؛ لأَِنَّهَا مَنْفَعَةٌ وَلَيْسَتْ بِمَالٍ، وَالْغَصْبُ لاَ يَكُونُ إِلاَّ فِي الْمَال. فَلَوْ غَصَبَ دَارًا لَمْ يَضْمَنْ مَنَافِعَهَا بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ. وَاسْتَثْنَوْا صُوَرًا، مِنْهَا: الْوَقْفُ، وَدَارُ الْيَتِيمِ، وَالْمُعَدُّ لِلاِسْتِغْلاَل (1) . وَانْظُرْ (ضَمَان) (وَغَصْب) .

مَتَى يَتَحَقَّقُ الْغَصْبُ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِهِ:
26 - الْمَالِكِيَّةُ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الاِسْتِيلاَءِ عَلَى الذَّاتِ وَالاِسْتِيلاَءِ عَلَى الْمَنْفَعَةِ. وَتَرَتَّبَ عَلَى
__________
(1) بداية المجتهد لابن رشد ص 342، نهاية المحتاج 4 ص 109، كشاف القناع 2 / 340، رد المحتار على الدر المختار 5 / 162.

الصفحة 123