كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 25)
الْهُجُومُ عَلَيْهِ وَإِزَالَةُ الْمُنْكَرِ وَلَوْ بِالْقِتَال، وَهَذَا عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ (1) .
حُكْمُ النَّظَرِ فِي مَحَل سُكْنَى الْغَيْرِ دُونَ إِذْنٍ:
36 - قَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: مَنِ اطَّلَعَ فِي بَيْتِ غَيْرِهِ - دُونَ إِذْنٍ - مِنْ ثَقْبٍ أَوْ كُوَّةٍ فَرَمَاهُ صَاحِبُ الْبَيْتِ بِحَصَاةٍ أَوْ طَعَنَهُ بِعُودٍ فَقَلَعَ عَيْنَهُ، لَمْ يَضْمَنْهَا. وَكَذَا لَوْ أَصَابَ قُرْبَ عَيْنِهِ فَجَرَحَهُ، فَسَرَى الْجُرْحُ فَمَاتَ فَهَدَرٌ، لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ الْمَرْفُوعِ: لَوِ اطَّلَعَ أَحَدٌ فِي بَيْتِكَ وَلَمْ تَأْذَنْ لَهُ فَحَذَفْتَهُ بِحَصَاةٍ فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ مَا كَانَ عَلَيْكَ جُنَاحٌ (2) .
وَعَنْ سَهْل بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَجُلاً اطَّلَعَ فِي جُحْرٍ مِنْ بَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحُكُّ رَأْسَهُ بِمِدْرَى فِي يَدِهِ، فَقَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْتَظِرُنِي لَطَعَنْتُ بِهِ فِي عَيْنَيْكَ (3) وَإِنْ تَرَكَ النَّاظِرُ الاِطِّلاَعَ وَانْصَرَفَ لَمْ
__________
(1) نهاية المحتاج 8 / 24.
(2) حديث: " لو اطلع في بيتك أحد ولم تأذن له حذفته بحصاة ففقأت عينه ما كان عليك من جناح ". أخرجه البخاري (فتح12 / 216 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1699 - ط الحلبي) واللفظ للبخاري من حديث أبي هريرة
(3) حديث: " لو أعلم أنك تنتظرني لطعنت به في عينيك ". أخرجه البخاري (الفتح 12 / 243 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1698 - ط الحلبي) واللفظ لهما من حديث سهل بن سعد الساعدي.
يَجُزْ رَمْيُهُ؛ لأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَطْعَنِ الَّذِي اطَّلَعَ ثُمَّ انْصَرَفَ؛ لأَِنَّهُ تَرَكَ الْجِنَايَةَ.
وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الدَّارِ رَمْيُ النَّاظِرِ بِمَا يَقْتُلُهُ ابْتِدَاءً. فَإِنْ رَمَاهُ بِحَجَرٍ يَقْتُلُهُ أَوْ حَدِيدَةٍ ثَقِيلَةٍ ضَمِنَهُ؛ لأَِنَّهُ إِنَّمَا لَهُ مَا يَقْلَعُ بِهِ الْعَيْنَ الْمُبْصِرَةَ الَّتِي حَصَل الأَْذَى مِنْهَا، دُونَ مَا يَتَعَدَّى إِلَى غَيْرِهَا، فَإِنْ لَمْ يَنْدَفِعِ الْمُطَّلِعُ بِرَمْيِهِ بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ جَازَ رَمْيُهُ بِأَكْثَرَ مِنْهُ وَلَوْ أَتَى ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ. وَعَلَى صَاحِبِ الدَّارِ ابْتِدَاءً أَنْ يَدْفَعَهُ بِأَسْهَل مَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ، بِأَنْ يَقُول لَهُ انْصَرِفْ، أَوْ يُخَوِّفَهُ أَوْ يَصِيحَ عَلَيْهِ صَيْحَةً مُزْعِجَةً. فَإِنْ لَمْ يَنْصَرِفْ أَشَارَ إِلَيْهِ يُوهِمُهُ أَنَّهُ يَحْذِفُهُ. فَإِنْ لَمْ يَنْصَرِفْ فَلَهُ حَذْفُهُ حِينَئِذٍ.
وَظَاهِرُ كَلاَمِ أَحْمَدَ أَنَّهُ لاَ يُعْتَبَرُ فِي هَذَا أَنَّهُ لاَ يُمْكِنُهُ دَفْعُهُ إِلاَّ بِذَلِكَ؛ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ. قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَاتِّبَاعُ السُّنَّةِ أَوْلَى.
قَال الشَّافِعِيَّةُ: وَلاَ يَجُوزُ رَمْيُ مَنْ نَظَرَ مِنَ الْبَابِ الْمَفْتُوحِ؛ لأَِنَّ التَّفْرِيطَ مِنْ صَاحِبِ الدَّارِ بِفَتْحِهِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ وَالأَْوْلَى عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ.
وَعِنْدَ بَعْضِ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ الْبَابَ الْمَفْتُوحَ كَالْكُوَّةِ، وَالْكُوَّةُ الْكَبِيرَةُ كَالْبَابِ الْمَفْتُوحِ، وَفِي مَعْنَاهَا الشُّبَّاكُ الْوَاسِعُ، فَلاَ يَجُوزُ رَمْيُهُ مِنْهُ؛ لِتَقْصِيرِ صَاحِبِ الدَّارِ إِلاَّ أَنْ يُنْذِرَهُ فَيَرْمِيَهُ، وَهَذَا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ.
الصفحة 129