كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 25)

الإِْنْصَاتِ لِلاِسْتِمَاعِ، وَالْبَعِيدُ لَيْسَ بِمُسْتَمِعٍ (1) .
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَقَالُوا بِوُجُوبِ السُّكُوتِ حِينَ الْخُطْبَةِ بِلاَ فَرْقٍ بَيْنَ قَرِيبٍ وَبَعِيدٍ، فِي الأَْصَحِّ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ فِي الْجَدِيدِ: لاَ يَجِبُ الإِْنْصَاتُ، وَلاَ يَحْرُمُ الْكَلاَمُ حِينَ الْخُطْبَةِ؛ لِمَا صَحَّ أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَال لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلَكَ الْمَال وَجَاعَ الْعِيَال فَادْعُ لَنَا. فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَدَعَا (2) وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ مَوْعِدِ السَّاعَةِ، فَأَوْمَأَ النَّاسُ إِلَيْهِ بِالسُّكُوتِ، فَلَمْ يَقْبَل، وَأَعَادَ الْكَلاَمَ (3) ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمَا. وَالأَْمْرُ فِي الآْيَةِ لِلنَّدْبِ، فَيُسَنُّ السُّكُوتُ وَالإِْنْصَاتُ وَيُكْرَهُ الْكَلاَمُ، وَذَلِكَ جَمْعًا بَيْنَ الأَْدِلَّةِ (4) .

سَكَتَاتُ الإِْمَامِ:
8 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلإِْمَامِ أَنْ يَسْكُتَ بَعْدَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَالتَّأْمِينِ
__________
(1) كشاف القناع 1 / 47.
(2) حديث أن أعرابيا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: هلك المال. . . . أخرجه البخاري (الفتح 2 / 413 - ط السلفية) . ومسلم (2 / 614 - ط الحلبي) من حديث أنس.
(3) حديث: " سأله رجل عن موعد الساعة. . ". أخرجه البيهقي (3 / 221 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث أنس بن مالك وصححه النووي كما في المجموع (4 / 525 - ط المنيرية) .
(4) نهاية المحتاج 2 / 307، 308.
قَدْرَ قِرَاءَةِ الْمَأْمُومِ الْفَاتِحَةَ. وَذَلِكَ فِي الصَّلاَةِ الْجَهْرِيَّةِ؛ لِيَتَمَكَّنَ الْمَأْمُومُ مِنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ مَعَ الإِْنْصَاتِ لِقِرَاءَةِ الإِْمَامِ (1) .
قَال الشَّافِعِيَّةُ: يُسْتَحَبُّ لِلإِْمَامِ حِينَئِذٍ أَنْ يَشْتَغِل بِالذِّكْرِ أَوِ الدُّعَاءِ أَوْ الْقِرَاءَةِ سِرًّا؛ لأَِنَّ الصَّلاَةَ لَيْسَ فِيهَا سُكُوتٌ حَقِيقِيٌّ لِلإِْمَامِ.
وَقَالُوا: إِنَّ السَّكَتَاتِ الْمَنْدُوبَةَ فِي الصَّلاَةِ أَرْبَعٌ: سَكْتَةٌ بَعْدَ تَكْبِيرَةِ الإِْحْرَامِ يَفْتَتِحُ فِيهَا، وَسَكْتَةٌ بَيْنَ: وَلاَ الضَّالِّينَ وَآمِينَ، وَسَكْتَةٌ لِلإِْمَامِ بَعْدَ التَّأْمِينِ فِي الْجَهْرِيَّةِ بِقَدْرِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ، وَسَكْتَةٌ قَبْل تَكْبِيرِ الرُّكُوعِ (2) .
وَجَاءَ فِي الْمُغْنِي: قَال أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: لِلإِْمَامِ سَكْتَتَانِ، فَاغْتَنِمُوا فِيهِمَا الْقِرَاءَةَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ: إِذَا دَخَل فِي الصَّلاَةِ، وَإِذَا قَال: {وَلاَ الضَّالِّينَ} .
وَقَال عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَمَّا أَنَا فَأَغْتَنِمُ مِنَ الإِْمَامِ اثْنَتَيْنِ: إِذَا قَال: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ} فَأَقْرَأُ عِنْدَهَا، وَحِينَ يَخْتِمُ السُّورَةَ، فَأَقْرَأُ قَبْل أَنْ يَرْكَعَ (3) .
وَلاَ يَقُول بِاسْتِحْبَابِ هَذِهِ السَّكَتَاتِ
__________
(1) أسنى المطالب 1 / 150، وكشاف القناع 1 / 339.
(2) أسنى المطالب 1 / 150، ونهاية المحتاج 1 / 474.
(3) المغني لابن قدامة 1 / 566.

الصفحة 134