كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 25)
الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ. وَتَفْصِيل هَذِهِ الْمَسَائِل فِي مُصْطَلَحِ: (صَلاَة، وَقِرَاءَة) .
السُّكُوتُ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْمُنْكَرِ:
9 - الأَْمْرُ بِالْمَعْرُوفِ - أَيْ مَا عُرِفَ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَالتَّقَرُّبِ إِلَيْهِ وَالإِْحْسَانِ إِلَى النَّاسِ - وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَهُوَ مَا فِيهِ غَضَبُ اللَّهِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ - أَصْلٌ مِنْ أُصُول الدِّينِ كَمَا يَقُول الْغَزَالِيُّ، وَهُوَ وَاجِبٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَحَكَى النَّوَوِيُّ وَابْنُ حَزْمٍ الإِْجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ. فَالسُّكُوتُ عِنْدَ رُؤْيَةِ ارْتِكَابِ الْمُنْكَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَى تَحْرِيمِهِ حَرَامٌ، وَالنَّهْيُ عَنْهُ وَاجِبٌ، وَذَلِكَ حِينَ تَوَفُّرِ شُرُوطِهِ وَالْمَرَاتِبِ وَالْوَسَائِل الْمَذْكُورَةِ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا: مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِْيمَانِ (1) وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ.
وَفِي بَيَانِ شُرُوطِهِ وَأَرْكَانِهِ وَمَرَاتِبِهِ، وَالْوَسَائِل الَّتِي يَجِبُ أَوْ يُسْتَحَبُّ اتِّخَاذُهَا فِي الأَْمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَهَل هُوَ
__________
(1) الفتاوى الهندية 5 / 353، وجواهر الإكليل 1 / 251، ومواهب الجليل للحطاب 3 / 48، والأحكام السلطانية للماوردي ص 241، والزواجر 2 / 161، وشرح النووي على مسلم 2 / 22، وإحياء علوم الدين 2 / 391، والآداب الشرعية لابن مفلح 1 / 183.
فَرْضُ عَيْنٍ أَوْ كِفَايَةٍ - تَفْصِيلٌ وَخِلاَفٌ، يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: (الأَْمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنِ الْمُنْكَرِ) ف 3 - 5 (6 248 - 250) .
السُّكُوتُ عَنْ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ:
10 - تَحَمُّل الشَّهَادَةِ وَأَدَاؤُهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ، فَيَجِبُ أَدَاؤُهَا فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ بِالطَّلَبِ إِنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ. وَهَذَا إِذَا عَلِمَ الشَّاهِدُ بِقَبُول شَهَادَتِهِ، وَكَانَ الْقَاضِي عَادِلاً، وَيَكُونُ الْمَكَانُ قَرِيبًا، وَلاَ يَعْلَمُ بُطْلاَنَ الشُّهُودِ بِهِ، وَلاَ يَعْلَمُ أَنَّ الْمُقِرَّ أَقَرَّ خَوْفًا.
فَإِذَا وُجِدَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ يَجِبُ عَلَى الشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ، فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ السُّكُوتُ؛ لأَِنَّ فِي سُكُوتِهِ تَضْيِيعًا لِلْحَقِّ وَهُوَ مُحَرَّمٌ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: {وَلاَ تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} (1) وَهَذَا فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ.
أَمَّا فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، كَالطَّلاَقِ وَالْعِتْقِ وَالْوَقْفِ وَالرَّضَاعِ فَيَجِبُ الأَْدَاءُ حِسْبَةً بِلاَ طَلَبٍ.
إِلاَّ أَنَّهُمْ قَالُوا: يُخَيَّرُ فِي الْحُدُودِ، وَسَتْرُهَا فِي بَعْضِ الْحُدُودِ أَبَرُّ، فَالأَْوْلَى فِيهَا الْكِتْمَانُ إِلاَّ لِمُتَهَتِّكٍ وَمَنِ اشْتُهِرَ بِالْفِسْقِ وَالْمَعَاصِي.
__________
(1) سورة البقرة / 283.
الصفحة 135