كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 25)
ج - مُفَارَقَةُ مَحِل الإِْقَامَةِ:
9 - يُشْتَرَطُ فِي السَّفَرِ الَّذِي تَتَغَيَّرُ بِهِ الأَْحْكَامُ مُفَارَقَةُ بُيُوتِ الْمِصْرِ فَلاَ يَصِيرُ مُسَافِرًا قَبْل الْمُفَارَقَةِ.
قَال الْحَنَفِيَّةُ: وَيُشْتَرَطُ مُفَارَقَةُ مَا كَانَ مِنْ تَوَابِعِ مَوْضِعِ الإِْقَامَةِ كَرُبَضِ الْمِصْرِ. وَهُوَ مَا حَوْل الْمَدِينَةِ مِنْ بُيُوتٍ وَمَسَاكِنَ فَإِنَّهُ فِي حُكْمِ الْمِصْرِ. وَكَذَا الْقُرَى الْمُتَّصِلَةُ بِالرُّبَضِ فِي الصَّحِيحِ، بِخِلاَفِ الْبَسَاتِينِ وَلَوْ مُتَّصِلَةً بِالْبِنَاءِ لأَِنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ الْبَلْدَةِ، وَلَوْ سَكَنَهَا أَهْل الْبَلْدَةِ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ أَوْ بَعْضِهَا، كَمَا أَنَّهُ لاَ يُعْتَبَرُ سُكْنَى الْحَفَظَةِ وَالأَْكَرَةِ اتِّفَاقًا.
وَأَمَّا الْفِنَاءُ وَهُوَ الْمَكَانُ الْمُعَدُّ لِمَصَالِحِ الْبَلَدِ كَرَكْضِ الدَّوَابِّ وَدَفْنِ الْمَوْتَى وَإِلْقَاءِ التُّرَابِ، فَإِنِ اتَّصَل بِالْمِصْرِ اعْتُبِرَتْ مُجَاوَزَتُهُ لاَ إِنِ انْفَصَل بِمَزْرَعَةٍ بِقَدْرِ ثَلاَثِمِائَةِ إِلَى أَرْبَعِمِائَةِ ذِرَاعٍ، وَالْقَرْيَةُ الْمُتَّصِلَةُ بِالْفِنَاءِ دُونَ الرُّبَضِ لاَ تُعْتَبَرُ مُجَاوَزَتُهَا عَلَى الصَّحِيحِ.
وَالْمُعْتَبَرُ الْمُجَاوَزَةُ مِنَ الْجَانِبِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ حَتَّى لَوْ جَاوَزَ عُمْرَانَ الْمِصْرِ قَصَرَ، وَإِنْ كَانَ بِحِذَائِهِ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ أَبْنِيَةٌ.
وَاشْتَرَطَ الْمَالِكِيَّةُ مُجَاوَزَةَ الْبَسَاتِينِ إِذَا سَافَرَ مِنْ نَاحِيَتِهَا أَوْ مِنْ غَيْرِ نَاحِيَتِهَا وَإِنْ مُحَاذِيًا لَهَا، وَإِلاَّ فَيَقْصُرُ بِمُجَرَّدِ مُجَاوَزَةِ الْبُيُوتِ.
وَقَال الْبُنَانِيُّ: لاَ يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَةُ الْبَسَاتِينِ إِلاَّ إِذَا سَافَرَ مِنْ نَاحِيَتِهَا، وَإِنْ سَافَرَ مِنْ غَيْرِ نَاحِيَتِهَا فَلاَ تُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهَا وَلَوْ كَانَ مُحَاذِيًا لَهَا إِذْ غَايَةُ الْبَسَاتِينِ أَنْ تَكُونَ كَجُزْءٍ مِنَ الْبَلَدِ.
قَال الدُّسُوقِيُّ: مِثْل الْبَسَاتِينِ الْمَسْكُونَةِ الْقَرْيَتَانِ اللَّتَانِ يَرْتَفِقُ أَهْل أَحَدِهِمَا بِأَهْل الأُْخْرَى بِالْفِعْل، وَإِلاَّ فَكُل قَرْيَةٍ تُعْتَبَرُ بِمُفْرَدِهَا، وَإِذَا كَانَ بَعْضُ سَاكِنِيهَا يَرْتَفِقُ بِالْبَلَدِ الأُْخْرَى كَالْجَانِبِ الأَْيْمَنِ دُونَ الآْخَرِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهَا كُلَّهَا كَحُكْمِ الْمُتَّصِلَةِ. ثُمَّ إِنَّ الْعِبْرَةَ عِنْدَهُمْ بِالْبَسَاتِينِ الْمُتَّصِلَةِ وَلَوْ حُكْمًا بِأَنْ يَرْتَفِقَ سُكَّانُهَا بِالْبَلَدِ الْمَسْكُونَةِ بِالأَْهْل وَلَوْ فِي بَعْضِ الْعَامِّ ارْتِفَاقَ الاِتِّصَال، مِنْ نَارٍ وَطَبْخٍ وَخَبْزٍ.
أَمَّا الْبَسَاتِينُ الْمُنْفَصِلَةُ أَوْ غَيْرُ الْمَسْكُونَةِ فَلاَ عِبْرَةَ بِهَا، وَلاَ عِبْرَةَ أَيْضًا بِالْحَارِسِ وَالْعَامِل فِيهَا.
وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ إِذَا كَانَ لِلْبَلَدِ سُورٌ فَأَوَّل سَفَرِهِ مُجَاوَزَةُ سُورِهَا، وَلَوْ مُتَعَدِّدًا أَوْ كَانَ دَاخِلَهُ مَزَارِعُ أَوْ خَرَابٌ؛ إِذْ مَا فِي دَاخِل السُّورِ مَعْدُودٌ مِنْ نَفْسِ الْبَلَدِ مَحْسُوبٌ مِنْ مَوْضِعِ الإِْقَامَةِ. وَإِنْ كَانَ لَهَا بَعْضُ سُورٌ وَهُوَ صَوْبُ مَقْصِدِهِ اشْتُرِطَتْ مُجَاوَزَتُهُ، وَلَوْ كَانَ السُّورُ مُتَهَدِّمًا وَبَقِيَتْ لَهُ بَقَايَا اشْتُرِطَتْ مُجَاوَزَتُهُ أَيْضًا وَإِلاَّ فَلاَ. وَالْخَنْدَقُ فِي الْبَلْدَةِ
الصفحة 31