كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 25)
جَمِيعِ الشَّفَةِ أَوْ بَعْضِهَا، وَلاَ سِيَّمَا إِنْ كَانَ كَثِيفًا، وَتَخْلِيلُهُ مُحَقِّقٌ لِوُصُول الْمَاءِ إِلَى جَمِيعِهَا (1) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ فِي الْوُضُوءِ مَعَ غَسْل الْوَجْهِ غَسْل ظَاهِرِ الشَّعْرِ إِذَا كَانَ كَثِيفًا، وَيُكْرَهُ تَخْلِيل الشَّعْرِ الْكَثِيفِ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ (2) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ فِي الْوُضُوءِ مَعَ غَسْل الْوَجْهِ غَسْل الشَّارِبِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَإِيصَال الْمَاءِ إِلَى الْبَشَرَةِ تَحْتَهُ وَإِنْ كَثُفَ الشَّعْرُ؛ لأَِنَّ كَثَافَتَهُ نَادِرَةٌ فَأُلْحِقَ بِالْغَالِبِ، وَالْمُرَادُ بِالظَّاهِرِ: الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا مِمَّا يَلِي الْوَجْهَ، وَبِالْبَاطِنِ: خِلاَل الشَّعْرِ وَالْبَشَرَةُ الَّتِي تَحْتَهُ، وَقِيل: الظَّاهِرُ مَا ظَهَرَ مِنَ الْجِهَتَيْنِ، وَالْبَاطِنُ مَا بَيْنَهُمَا وَأُصُول الشَّعْرِ (3) .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ غَسْل الشَّارِبِ مَعَ الْوَجْهِ فِي الْوُضُوءِ. فَإِنْ كَانَ شَعْرُ الشَّارِبِ كَثِيفًا لاَ يَصِفُ الْبَشَرَةَ أَجْزَأَ غَسْل ظَاهِرِهِ، وَيُسَنُّ تَخْلِيل الشَّارِبِ إِذَا كَانَ كَثِيفًا وَغَسْل بَاطِنِهِ خُرُوجًا مِنْ خِلاَفِ مَنْ أَوْجَبَهُ، وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ ذَكَرَ فِي
__________
(1) رد المحتار 1 / 69، فتح القدير 1 / 10.
(2) الخرشي 1 / 122.
(3) الإقناع للشربيني وحاشية الباجوري 1 / 38.
الشَّارِبِ وَجْهًا آخَرَ فِي وُجُوبِ غَسْل بَاطِنِهِ وَإِنْ كَانَ كَثِيفًا؛ لأَِنَّهُ يَسْتُرُ مَا تَحْتَهُ عَادَةً، وَإِنْ وُجِدَ ذَلِكَ كَانَ نَادِرًا فَلاَ يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ (1) .
ب - فِي الْغُسْل:
8 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ فِي الْغُسْل تَعْمِيمُ الشَّارِبِ شَعْرًا وَبَشَرَةً بِالْمَاءِ، كَثِيفًا كَانَ الشَّارِبُ أَوْ خَفِيفًا، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ تَحْتَ كُل شَعْرَةٍ جَنَابَةً فَاغْسِلُوا الشَّعْرَ وَأَنْقُوا الْبَشَرَ (2) . وَلِمَا رَوَى عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: مَنْ تَرَكَ مَوْضِعَ شَعْرَةٍ مِنْ جَنَابَةٍ لَمْ يَغْسِلْهَا فُعِل بِهِ مِنَ النَّارِ كَذَا وَكَذَا قَال عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: " فَمِنْ ثَمَّ عَادَيْتُ شَعْرِي ثَلاَثًا " وَكَانَ يَجُزُّ شَعْرَهُ (3) . وَلأَِنَّ الْحَدَثَ فِي الْغُسْل مِنَ الْجَنَابَةِ عَمَّ جَمِيعَ الْبَدَنِ فَوَجَبَ تَعْمِيمُهُ بِالْغُسْل، وَلأَِنَّ مَا تَحْتَ الشَّعْرِ بَشَرَةٌ أَمْكَنَ إيصَال الْمَاءِ إِلَيْهَا مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ، فَلَزِمَ كَسَائِرِ بَشَرَتِهِ؛ وَلأَِنَّهُ شَعْرٌ نَابِتٌ فِي مَحَل الْغُسْل
__________
(1) كشاف القناع 1 / 96، المغني 1 / 116.
(2) حديث: " إن تحت كل شعرة جنابة ". أخرجه أبو داود (1 / 172 - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث أبي هريرة، ثم أعله بضعف أحد رواته.
(3) حديث: " من ترك موضع شعرة. . . . ". أخرجه أبو داود (1 / 173 - تحقيق عزت عبيد دعاس) ولمح ابن حجر في التلخيص (1 / 142 - ط شركة الطباعة الفنية) إلى أن الصواب وقفه على عليّ بن أبي طالب.
الصفحة 318