كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 25)

الْبُيُوتِ. وَأَمَّا لَوْ جَمَعَهُمُ اسْمُ الْحَيِّ فَقَطْ دُونَ الدَّارِ بِأَنْ كَانَتْ كُل فِرْقَةٍ فِي دَارٍ فَإِنَّهَا تُعْتَبَرُ كُل دَارٍ عَلَى حِدَتِهَا حَيْثُ كَانَ لاَ يَرْتَفِقُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، وَإِلاَّ فَهُمْ كَأَهْل الدَّارِ الْوَاحِدَةِ. وَكَذَا إِذَا لَمْ يَجْمَعْهُمُ اسْمُ الْحَيِّ وَالدَّارِ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ إِذَا جَاوَزَ بُيُوتَ حِلَّتِهِ هُوَ. وَالْمُرَادُ بِالْحَيِّ عِنْدَهُمُ الْقَبِيلَةُ، وَبِالدَّارِ الْمَنْزِل الَّذِي يَنْزِلُونَ فِيهِ. وَمَحَل مُجَاوَزَةِ الْحِلَّةِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ حَيْثُ كَانَ بِمُسْتَوٍ.
فَإِنْ كَانَتْ بَوَادٍ وَمُسَافِرٌ فِي عَرْضِهِ، أَوْ بِرَبْوَةٍ أَوْ وَحْدَةٍ، اشْتُرِطَتْ مُجَاوَزَةُ الْعَرْضِ وَمَحَل الصُّعُودِ وَالْهُبُوطِ إِنْ كَانَتِ الثَّلاَثَةُ مُعْتَدِلَةً، وَإِلاَّ بِأَنْ أَفْرَطَتْ سَعَتُهَا أَوْ كَانَتْ بِبَعْضِ الْعَرْضِ اكْتُفِيَ بِمُجَاوَزَةِ الْحِلَّةِ. قَالُوا: وَلاَ بُدَّ مِنْ مُجَاوَزَةِ مَرَافِقِهَا أَيْضًا كَمَلْعَبِ صِبْيَانٍ وَنَادٍ وَمَطْرَحِ رَمَادٍ وَمَعْطِنِ إِبِلٍ، وَكَذَا مَاءٌ وَحَطَبٌ اخْتَصَّا بِهَا.
وَأَمَّا سَاكِنُ الْجِبَال وَمَنْ نَزَل بِمَحَلٍّ فِي بَادِيَةٍ وَحْدَهُ، فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي سَفَرِهِ مُجَاوَزَةُ مَحَلِّهِ.
وَقَدْ صَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ سُكَّانَ الْبَسَاتِينِ وَنَحْوَهُمْ كَأَهْل الْعِزَبِ يُشْتَرَطُ فِي سَفَرِهِمِ الاِنْفِصَال عَنْ مَسَاكِنِهِمْ.
قَال الْمَالِكِيَّةُ: سَوَاءٌ أَكَانَتْ تِلْكَ الْبَسَاتِينُ مُتَّصِلَةً بِالْبَلَدِ أَمْ مُنْفَصِلَةً عَنْهَا. وَاعْتَبَرَ الْحَنَابِلَةُ الْعُرْفَ فِي ذَلِكَ فَقَالُوا: لِيَصِيرُوا مُسَافِرِينَ لاَ بُدَّ مِنْ مُفَارَقَةِ مَا نُسِبُوا إِلَيْهِ بِمَا يُعَدُّ مُفَارَقَةً عُرْفًا.
وَقَدْ صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي سَفَرِ الْبَحْرِ الْمُتَّصِل سَاحِلُهُ بِالْبَلَدِ جَرْيُ السَّفِينَةِ أَوِ الزَّوْرَقِ إِلَيْهَا. قَال ابْنُ حَجَرٍ: وَإِنْ كَانَ فِي هَوَاءِ الْعُمْرَانِ كَمَا اقْتَضَاهُ إِطْلاَقُهُمْ (1) .

د - أَلاَّ يَكُونَ سَفَرَ مَعْصِيَةٍ:
10 - اشْتَرَطَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - الْمَالِكِيَّةُ عَلَى الرَّاجِحِ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ - فِي السَّفَرِ الَّذِي تَتَغَيَّرُ بِهِ الأَْحْكَامُ أَلاَّ يَكُونَ الْمُسَافِرُ عَاصِيًا بِسَفَرِهِ كَقَاطِعِ طَرِيقٍ وَنَاشِزَةٍ وَعَاقٍّ وَمُسَافِرٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ حَالٌّ قَادِرٌ عَلَى وَفَائِهِ مِنْ غَيْرِ إِذْنِ غَرِيمِهِ.
إِذْ مَشْرُوعِيَّةُ التَّرَخُّصِ فِي السَّفَرِ لِلإِْعَانَةِ.
وَالْعَاصِي لاَ يُعَانُ؛ لأَِنَّ الرُّخَصَ لاَ تُنَاطُ بِالْمَعَاصِي، وَمِثْلُهُ مَا إِذَا انْتَقَل مِنْ سَفَرِهِ الْمُبَاحِ
__________
(1) حاشية ابن عابدين 1 / 525 دار إحياء التراث العربي، الفتاوى الهندية 1 / 139 المطبعة الأميرية 1310 هـ، حاشية الدسوقي 1 / 359 دار الفكر، نهاية المحتاج 2 / 252 ط مصطفى الحلبي 1967م. كشاف القناع 1 / 507 عالم الكتب.

الصفحة 33