كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 25)

وَذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ شُؤْمَ الْمَرْأَةِ إِذَا كَانَتْ غَيْرَ وَلُودٍ، وَشُؤْمَ الْفَرَسِ إِذَا لَمْ يُغْزَ عَلَيْهِ أَوْ كَانَتْ ضَرُوبًا، وَشُؤْمَ الدَّارِ جَارُ السُّوءِ أَوْ كَانَتْ بَعِيدَةً عَنِ الْمَسْجِدِ، وَقَدْ أَنْكَرَتْهُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - عِنْدَمَا سَمِعَتْهُ وَاعْتَبَرَتْهُ مِنْ أَوْهَامِ رَاوِيهِ، وَأَنَّهُ قَدْ أَخْطَأَ فِي رِوَايَتِهِ. فَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي عَامِرٍ دَخَلاَ عَلَى عَائِشَةَ فَقَالاَ: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَال: الطِّيَرَةُ فِي الْفَرَسِ وَالْمَرْأَةِ وَالدَّارِ فَغَضِبَتْ غَضَبًا شَدِيدًا وَقَالَتْ: " مَا قَالَهُ ". وَإِنَّمَا قَال: إِنَّ أَهْل الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَتَطَيَّرُونَ مِنْ ذَلِكَ.
وَقَال ابْنُ حَجَرٍ: وَلاَ مَعْنَى لإِِنْكَارِ ذَلِكَ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ مَعَ مُوَافَقَةِ مَنْ ذَكَرْنَا مِنَ الصَّحَابَةِ لَهُ فِي ذَلِكَ. وَقَال ابْنُ الْعَرَبِيِّ: لأَِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُبْعَثْ لِيُخْبِرَ النَّاسَ عَنْ مُعْتَقَدَاتِهِمُ الْمَاضِيَةِ وَالْحَاصِلَةِ، وَإِنَّمَا بُعِثَ لِيُعَلِّمَهُمْ مَا يَلْزَمُهُمْ أَنْ يَعْتَقِدُوهُ (1) .
__________
(1) فتح الباري شرح صحيح البخاري (6 / 61 - ط السلفية) ، شرح صحيح مسلم للنووي (14 / 218 - 222) المطبعة المصرية، سنن أبي داود مع شرحه للخطابي، (4 / 236 - 237 - ط عزت عبيد الدعاس) .
التَّسْمِيَةُ بِمَا يُتَطَيَّرُ بِهِ:
5 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى كَرَاهِيَةِ تَسْمِيَةِ الْمَوْلُودِ بِمَا يُتَطَيَّرُ بِنَفْيِهِ أَوْ إِثْبَاتِهِ، كَبَرَكَةٍ وَغَنِيمَةٍ، وَنَافِعٍ، وَيَسَارٍ، وَحَرْبٍ، وَقُرَّةٍ، وَشِهَابٍ وَحِمَارٍ؛ لِحَدِيثِ سَمُرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ تُسَمِّ غُلاَمَكَ يَسَارًا وَلاَ رَبَاحًا وَلاَ نَجِيحًا، وَلاَ أَفْلَحَ، فَإِنَّكَ تَقُول: أَثَمَّ هُوَ، فَلاَ يَكُونُ. فَتَقُول: لاَ (1) .
فَرُبَّمَا كَانَ طَرِيقًا إِلَى التَّشَاؤُمِ وَالتَّطَيُّرِ، فَالنَّهْيُ يَتَنَاوَل مَا يَطْرُقُ إِلَى الطِّيَرَةِ إِلاَّ أَنَّ ذَلِكَ لاَ يَحْرُمُ؛ لِحَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَنَّ الآْذِنَ عَلَى مَشْرَبَةِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدٌ يُقَال لَهُ: رَبَاحٌ (2) . وَانْظُرْ أَيْضًا مُصْطَلَحَ (تَسْمِيَة ف 12) .
__________
(1) حديث: " لا تسم غلامك يسارا ". شطر من حديث أخرجه مسلم (3 / 1685 - ط الحلبي) من حديث سمرة بن جندب.
(2) القليوبي 4 / 256 - ط الحلبي، كشاف القناع 3 / 26 - ط الرياض. وحديث: " أن الآذن على. . " أخرجه البخاري (الفتح 9 / 278 - 279 - ط السلفية) . ومسلم (2 / 1105 - 1108 - ط الحلبي) واللفظ له من حديث عمر بن الخطاب.

الصفحة 331