كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 25)

إِلَيْهِ فَقَال: أَقِدْنِي، فَأَقَادَهُ ثُمَّ جَاءَ فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ: عَرَجْتُ، فَقَال: قَدْ نَهَيْتُكَ فَعَصَيْتَنِي فَأَبْعَدَكَ اللَّهُ وَبَطَل عَرَجُكَ (1) .
وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ هُوَ أَنْ يَكُونَ الْقِصَاصُ عَلَى الْفَوْرِ، وَالتَّأْخِيرُ أَوْلَى وَهُوَ الْمُسْتَحَبُّ لِمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ.
8 - وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِوَقْتِ الْحُكْمِ بِالْقِصَاصِ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِوَقْتِ الْحُكْمِ بِالدِّيَةِ فَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَفِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ الْحُكْمَ بِالدِّيَةِ لاَ يَكُونُ إِلاَّ بَعْدَ الْبُرْءِ أَيْضًا كَالْقِصَاصِ؛ لأَِنَّ الأَْرْشَ لاَ يَسْتَقِرُّ قَبْل الاِنْدِمَال، لأَِنَّهُ قَدْ يَسْرِي إِلَى النَّفْسِ وَيَدْخُل فِي دِيَةِ النَّفْسِ.
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ الْقَوْل الثَّانِي لِلشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ الأَْرْشِ قَبْل الاِنْدِمَال كَاسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ قَبْل الاِنْدِمَال؛ لأَِنَّ الْجِنَايَةَ إِنِ اقْتَصَرَتْ فَظَاهِرٌ وَإِنْ سَرَتْ فَقَدْ أَخَذَ بَعْضَ الدِّيَةِ فَيَأْخُذُ الْبَاقِيَ (2) .
__________
(1) حديث " أن رجلا طعن رجلا بقرن. . . . ". أخرجه أحمد (2 / 217 - ط الميمنية) والبيهقي (8 / 67 - ط دائرة المعارف العثمانية) ، وأعل بالإرسال، ولكن ذكر ابن التركماني في الجوهر النقي (8 / 67 - بهامش السنن للبيهقي) مما يقويه، ثم قال: " هذا أمر قد روي من عدة طرق يشد بعضها بعضا ".
(2) الاختيار 5 / 43، والبدائع 7 / 310 - 311 وابن عابدين 5 / 376، وجواهر الإكليل 2 / 263، والدسوقي 4 / 259 - 260، وأسهل المدارك 3 / 122 - 123، ومغني المحتاج 4 / 43، 61، والمهذب 2 / 186، وأسنى المطالب 4 / 30، 38، وكشاف القناع 5 / 561، و6 / 51، والمغني 7 / 729، وشرح منتهى الإرادات 3 / 298.
9 - وَإِنْ سَرَتْ الْجِرَاحَةُ فَأَدَّتْ إِلَى الْمَوْتِ فَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ عَمْدًا فَفِيهَا الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ لأَِنَّ الْجُرْحَ لَمَّا سَرَى بَطَل حُكْمُ مَا دُونَ النَّفْسِ، وَتَبَيَّنَ أَنَّ الْجُرْحَ وَقَعَ قَتْلاً مِنْ حِينِ وُجُودِهِ، وَلِوَلِيِّ الدَّمِ أَنْ يَقْتُلَهُ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْعَل بِهِ مِثْل مَا فَعَل وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَفْعَل بِهِ مِثْل مَا فَعَل فَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ مُوضِحَةً فَلِلْوَلِيِّ أَنْ يُوضِحَ رَأْسَ الْجَانِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} (1) فَإِنْ مَاتَ فَقَدِ اسْتَوْفَى حَقَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَمُتْ قَتَلَهُ الْوَلِيُّ بِالسَّيْفِ.
10 - وَإِنْ كَانَتِ الشَّجَّةُ خَطَأً فَسَرَتْ إِلَى النَّفْسِ فَفِيهَا دِيَةُ النَّفْسِ (2) . وَإِنْ بَرِئَتِ الشَّجَّةُ، فَإِنْ كَانَتْ عَمْدًا فَالْقِصَاصُ فِيمَا فِيهِ الْقِصَاصُ، وَالأَْرْشُ الْمُقَدَّرُ أَوْ حُكُومَةُ الْعَدْل فِيمَا لاَ قِصَاصَ فِيهِ (3) وَإِنْ كَانَتِ
__________
(1) سورة المائدة / 45.
(2) البدائع 7 / 304، 320، والاختيار 5 / 43، وابن عابدين 5 / 361، وأسهل المدارك 3 / 123، والدسوقي 4 / 260، والمهذب 2 / 186 - 187 وشرح منتهى الإرادات 3 / 297 - 298، وكشاف القناع 5 / 561، و6 / 51.
(3) البدائع 7 / 304، 310 - 311 ومنح الجليل 4 / 370 - 384، ومغني المحتاج 4 / 36، والمغني 7 / 706.

الصفحة 348