كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 25)

(4) عَدَمُ التَّنَفُّسِ فِي الإِْنَاءِ:
6 - يُنْدَبُ إِبْعَادُ الْقَدَحِ حِينَ التَّنَفُّسِ حَالَةَ الشُّرْبِ، وَيُكْرَهُ التَّنَفُّسُ فِي الإِْنَاءِ كَمَا يُكْرَهُ النَّفْخُ فِيهِ، لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يَتَنَفَّسَ فِي الإِْنَاءِ أَوْ يَنْفُخَ فِيهِ (1) .
قَال أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ فِي حِكْمَةِ النَّهْيِ عَنِ النَّفْخِ فِي الإِْنَاءِ: نَهَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّفْخِ فِي الشَّرَابِ حَمْلاً لأُِمَّتِهِ عَلَى مَكَارِمِ الأَْخْلاَقِ، لأَِنَّ النَّافِخَ فِي آنِيَةِ الْمَاءِ يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ مِنْ رِيقِهِ فِيهَا شَيْءٌ مَعَ النَّفْخِ فَيَتَقَذَّرَهُ النَّاظِرُ وَيُفْسِدَهُ عَلَيْهِ (2) .
وَقَال الشَّوْكَانِيُّ: النَّهْيُ عَنِ التَّنَفُّسِ فِي (الإِْنَاءِ) الَّذِي يُشْرَبُ مِنْهُ لِئَلاَّ يَخْرُجَ مِنَ الْفَمِ بُزَاقٌ يَسْتَقْذِرُهُ مَنْ شَرِبَ بَعْدَهُ مِنْهُ، أَوْ تَحْصُل فِيهِ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالْمَاءِ أَوْ بِالإِْنَاءِ (3) .

(5) عَدَمُ الشُّرْبِ قَائِمًا:
7 - كَانَ مِنْ هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشُّرْبُ قَاعِدًا، هَذَا
__________
(1) حديث: " نهى أن يتنفس في الإناء ". أخرجه الترمذي (4 / 304 - الحلبي) وقال: (حديث حسن صحيح) .
(2) المنتقى 7 / 236، وانظر الآداب الشرعية 3 / 180 ومطالب أولي النهى 5 / 248.
(3) الشرح الصغير 4 / 754، 755، ونيل الأوطار 8 / 192.
كَانَ هَدْيُهُ الْمُعْتَادُ، وَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الشُّرْبِ قَائِمًا (1) ، وَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ أَمَرَ الَّذِي شَرِبَ قَائِمًا أَنْ يَسْتَقِيءَ (2) ، وَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ شَرِبَ قَائِمًا (3) .
قَال النَّوَوِيُّ: الصَّوَابُ أَنَّ النَّهْيَ مَحْمُولٌ عَلَى كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ. أَمَّا شُرْبُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا فَبَيَانٌ لِلْجَوَازِ، فَلاَ إِشْكَال وَلاَ تَعَارُضَ. وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ يَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ.
ثُمَّ قَال: فَإِنْ قِيل: كَيْفَ يَكُونُ الشُّرْبُ قَائِمًا مَكْرُوهًا وَقَدْ فَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ فِعْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ بَيَانًا لِلْجَوَازِ لاَ يَكُونُ مَكْرُوهًا بَل الْبَيَانُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً، وَطَافَ عَلَى بَعِيرٍ، مَعَ أَنَّ الإِْجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ ثَلاَثًا ثَلاَثًا وَالطَّوَافَ مَاشِيًا أَكْمَل. وَنَظَائِرُ هَذَا غَيْرُ مُنْحَصِرَةٍ، فَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَبِّهُ عَلَى جَوَازِ الشَّيْءِ مَرَّةً أَوْ مَرَّاتٍ وَيُوَاظِبُ عَلَى الأَْفْضَل
__________
(1) حديث: " نهى عن الشرب قائما ". أخرجه مسلم (3 / 1600 - ط الحلبي) من حديث أنس.
(2) حديث: " أمر الذي شرب قائما أن يستقئ ". أخرجه مسلم (3 / 1601 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.
(3) حديث: " صح عنه أنه شرب قائما ". أخرجه البخاري (الفتح 10 / 81 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1601 - ط الحلبي) من حديث ابن عباس.

الصفحة 364