كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 25)

وَإِنْ قَل الْمَاءُ أَوْ ضَاقَ الْمَشْرَعُ قُدِّمَ السَّابِقُ، فَإِنْ جَاءَا مَعًا أَقُرِعَ بَيْنَهُمَا، وَإِنِ احْتَاجَ بَعْضُهُمْ إِلَى الْمَاءِ لِسَقْيِ الأَْرْضِ، وَالْبَعْضُ الآْخَرُ لِلشُّرْبِ لِدَفْعِ الْعَطَشِ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ دَوَابِّهِ قُدِّمَ الْمُحْتَاجُ لِلشُّرْبِ.

قِسْمَةُ الْمِيَاهِ الْعَامَّةِ:
4 - إِذَا أَرَادَ قَوْمٌ سَقْيَ أَرَاضِيهِمْ مِنْ مِثْل هَذِهِ الْمِيَاهِ، فَإِنْ كَانَ النَّهْرُ عَظِيمًا وَالْمَشْرَعُ وَاسِعًا يَفِي بِالْجَمِيعِ سَقَى مَنْ شَاءَ مَتَى شَاءَ، وَيَأْخُذُ مِنْهُ مَا شَاءَ.
وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ قَلِيلاً أَوْ ضَاقَ الْمَشْرَعُ، سَقَى الأَْوَّل أَرْضَهُ ثُمَّ يُرْسِلُهُ إِلَى الثَّانِي، ثُمَّ الثَّانِي إِلَى الثَّالِثِ، وَهَكَذَا.
هَذَا إِذَا كَانَ الأَْوَّل قَدْ تَقَدَّمَ فِي الإِْحْيَاءِ عَلَى الأَْسْفَل، أَوْ تَسَاوَيَا فِي الإِْحْيَاءِ، أَمَّا إِنْ تَقَدَّمَ الأَْسْفَل فَيُقَدَّمُ هُوَ (1) .
فَإِنْ لَمْ يَفْضُل عَنِ الأَْوَّل شَيْءٌ أَوْ عَنِ الثَّانِي أَوْ عَنْ مَنْ يَلِيهِمْ فَلاَ شَيْءَ لِلْبَاقِينَ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ إِلاَّ مَا فَضَل فَلَمْ يَفْضُل شَيْءٌ كَالْعَصَبَةِ فِي الْمِيرَاثِ (2) . وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ
__________
(1) روضة الطالبين 5 / 305، أسنى المطالب 3 / 454، المغني 5 / 583، حاشية الدسوقي 4 / 74، رد المحتار 5 / 282.
(2) المغني 5 / 583 والمصادر السابقة.
مَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَال: إِنَّ رَجُلاً مِنَ الأَْنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ فِي شِرَاجِ الْحَرَّةِ الَّتِي يَسْقُونَ بِهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ أَرْسِل الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ فَغَضِبَ الأَْنْصَارِيُّ وَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ؟ فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَال: يَا زُبَيْرُ اسْقِ ثُمَّ احْبِسِ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجُدُرِ (1) وَقَال الزُّبَيْرُ فَوَاَللَّهِ إِنِّي لأََحْسِبُ هَذِهِ الآْيَةَ نَزَلَتْ فِيهِ {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} (2) . وَقَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ: نَظَرْنَا فِي قَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ثُمَّ احْبِسِ الْمَاءَ حَتَّى يَبْلُغَ إِلَى الْجُدُرِ فَكَانَ ذَلِكَ إِلَى الْكَعْبَيْنِ (3) .
5 - وَإِنِ اسْتَوَى اثْنَانِ فِي الْقُرْبِ مِنْ أَوَّل النَّهْرِ اقْتَسَمَا الْمَاءَ بَيْنَهُمَا إِنْ أَمْكَنَ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا فَيُقَدَّمُ مَنْ تَقَعُ لَهُ الْقُرْعَةُ، فَإِنْ كَانَ لاَ يَفْضُل عَنْ أَحَدِهِمَا سَقَى مَنْ تَقَعُ لَهُ الْقُرْعَةُ بِقَدْرِ حَقِّهِ مِنَ الْمَاءِ ثُمَّ تَرَكَهُ لِلآْخَرِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَهْلِكَ جَمِيعَ الْمَاءِ؛ لأَِنَّ الآْخَرَ يُسَاوِيهِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْمَاءِ، وَإِنَّمَا الْقُرْعَةُ لِلتَّقْدِيمِ فِي
__________
(1) حديث: " اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك ". أخرجه البخاري (الفتح 5 / 39 - ط السلفية) ومسلم (4 / 1829 - 1830 - ط الحلبي) .
(2) سورة النساء - 65.
(3) المغني 5 / 585.

الصفحة 372