كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 25)

قَوْل مَالِكٍ وَكُبَرَاءِ أَصْحَابِهِ - وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ.
أَمَّا ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنَّهُ قَال: لاَ يَمْضِي؛ لأَِنَّهُ لاَ يُشْتَرَطُ لِلْحَجْرِ الْقَضَاءُ، وَعَلَى مَنْ يَتَوَلَّى عَلَيْهِ مِنْ حَاكِمٍ أَوْ مُقَدَّمٍ الرَّدُّ، وَكَذَا لَهُ هُوَ الرَّدُّ بَعْدَ الرُّشْدِ.
أَمَّا بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ - فَإِنَّهُ مَرْدُودٌ وَلَوْ حَسُنَ تَصَرُّفُهُ مَا لَمْ يَحْصُل الْفَكُّ عَنْهُ مِنْ وَصِيٍّ أَوْ حَاكِمٍ أَوْ مُقَدَّمٍ، وَهَذَا أَيْضًا عِنْدَ مَالِكٍ وَجُل أَصْحَابِهِ؛ لِوُجُودِ عِلَّةِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ - وَهُوَ السَّفَهُ.
وَقَال ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا رَشَدَ فَتَصَرُّفُهُ مَاضٍ قَبْل الْفَكِّ؛ لأَِنَّ الْعِلَّةَ مُجَرَّدُ السَّفَهِ وَقَدْ زَال بِرُشْدِهِ (1) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ عِنْدَهُمْ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَكُونُ مَحْجُورًا إِلاَّ بَعْدَ قَضَاءِ قَاضٍ، وَلِهَذَا قَالُوا: لَوْ أَقْرَضَهُ شَخْصٌ مَالاً - بَعْدَ الْحَجْرِ - أَوْ بَاعَ مِنْهُ مَتَاعًا لَمْ يَمْلِكْهُ؛ لأَِنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الرُّشْدِ، فَإِنْ كَانَتِ الْعَيْنُ بَاقِيَةً رُدَّتْ، وَإِنْ كَانَتْ تَالِفَةً لَمْ يَضْمَنْهَا. عَلِمَ بِحَالِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَلاَ يَضْمَنُ قَبْل فَكِّ الْحَجْرِ وَلاَ بَعْدَهُ لأَِنَّهُ إِنْ كَانَ عَالِمًا بِحَالِهِ فَقَدْ
__________
(1) المواق ومواهب الجليل 5 / 66، وبلغة السالك 2 / 130.
تَعَامَل مَعَهُ عَلَى بَصِيرَةٍ وَأَنَّ مَالَهُ سَيَضِيعُ. وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَقَدْ فَرَّطَ حِينَ تَرَكَ اسْتِظْهَارَ أَمْرِهِ وَدَخَل فِي مُعَامَلَتِهِ عَلَى غَيْرِ مَعْرِفَةٍ وَعَدَمُ ضَمَانِهِ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ، هُوَ إِجْمَاعُ الشَّافِعِيَّةِ.
7 - وَهَل يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ بَاطِنًا؛ أَيْ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى؟
اخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى وَجْهَيْنِ:
الْوَجْهُ الأَْوَّل: يَلْزَمُهُ ضَمَانُهُ، وَبِهِ قَال الصَّيْدَلاَنِيُّ وَالْعِمْرَانِيُّ، وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الأُْمِّ؛ وَذَلِكَ لأَِنَّ الْحَجْرَ لاَ يُبِيحُ لَهُ مَال غَيْرِهِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: لاَ يَلْزَمُهُ ضَمَانُهُ، وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الْغَزَالِيِّ وَالنَّوَوِيِّ.
وَالتَّفْصِيل السَّابِقُ مُقَيَّدٌ بِمَا إِذَا قَبَضَ السَّفِيهُ الْمَال مِنْ رَشِيدٍ بِإِذْنِهِ وَتَلِفَ الْمَقْبُوضُ قَبْل مُطَالَبَةِ صَاحِبِهِ بِهِ.
أَمَّا لَوْ قَبَضَهُ مِنْ غَيْرِ رَشِيدٍ أَوْ مِنْ رَشِيدٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، أَوْ تَلِفَ بَعْدَ مُطَالَبَتِهِ صَاحِبَهُ بِهِ فَإِنَّ السَّفِيهَ يَضْمَنُ دُونَ خِلاَفٍ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ: إِلَى أَنَّ مَنْ عَامَل السَّفِيهَ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ مِنْ قِبَل الْقَاضِي وَأَتْلَفَ السَّفِيهُ الْمَال فَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَالضَّمَانُ عَلَى مَنْ

الصفحة 54