كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 25)

أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ لاَ وَكْسَ وَلاَ شَطَطَ ثُمَّ يَعْتِقُ (1) .
وَقَال الشَّافِعِيُّ فِي الأُْمِّ: كُلٌّ مِنَ الْحَدِيثَيْنِ يُبْطِل الاِسْتِسْعَاءَ فِي كُل حَالٍ، وَيَتَّفِقَانِ فِي ثَلاَثَةِ مَعَانٍ:
(1) إِبْطَال الاِسْتِسْعَاءِ.
(2) ثُبُوتُ الرِّقِّ فِي حَال عُسْرِ الْمُعْتِقِ.
(3) نَفَاذُ الْعِتْقُ إِنْ كَانَ مُوسِرًا (2) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ السِّعَايَةَ ثَابِتَةٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَاسْتَدَلُّوا لِثُبُوتِهَا بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: مَنْ أَعْتَقَ شَقِيصًا مِنْ مَمْلُوكِهِ فَعَلَيْهِ خَلاَصُهُ فِي مَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ قُوِّمَ الْمَمْلُوكُ قِيمَةَ عَدْلٍ، ثُمَّ اسْتُسْعِيَ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ (3) .
وَقَالُوا: فَقَدْ دَل هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ السِّعَايَةَ ثَابِتَةٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَضَمَانُ السِّعَايَةِ لَيْسَ ضَمَانَ إِتْلاَفٍ، وَلاَ ضَمَانَ فِي تَمَلُّكٍ بَل
__________
(1) حديث: (إذا كان العبد بين اثنين. . .) . أخرجه أبو داود (4 / 258 - 259 - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث ابن عمر، وهو في مسلم (3 / 1281 - ط الحلبي) بلفظ: " من أعتق عبدا بينه وبين آخر. . ".
(2) كتاب الأم 8 / 5.
(3) حديث: (من أعتق شقيصا من مملوكه. . .) . أخرجه البخاري (الفتح 5 / 2492 - ط السلفية) .
ضَمَانُ احْتِبَاسٍ، وَضَمَانُ سَلاَمَةِ النَّفْسِ وَالرَّقَبَةِ حُصُول الْمَنْفَعَةِ.
ثُمَّ اخْتَلَفَ الْحَنَفِيَّةُ فِيمَا بَيْنَهُمْ فِيمَنْ يَحِقُّ لَهُ خِيَارُ الاِسْتِسْعَاءِ، وَمَتَى؟ .
فَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: يَثْبُتُ حَقُّ خِيَارِ الاِسْتِسْعَاءِ لِمَنْ أَعْتَقَ جُزْءًا مِنْ مَمْلُوكِهِ أَوْ شِقْصًا مِنْ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ.
فَإِنْ أَعْتَقَ بَعْضَ مَمْلُوكِهِ صَحَّ، وَيَسْعَى فِيمَا بَقِيَ وَإِنْ شَاءَ حَرَّرَهُ.
وَقَال الصَّاحِبَانِ: عَتَقَ كُلُّهُ.
وَإِنْ أَعْتَقَ شَرِيكٌ نَصِيبَهُ، فَلِشَرِيكِهِ خِيَارَاتٌ ثَلاَثَةٌ:
أَنْ يُحَرِّرَ نَصِيبَهُ أَيْضًا، أَوْ يُضَمِّنَ الْمُعْتِقَ الأَْوَّل وَيَرْجِعَ الْمُعْتِقُ عَلَى الْعَبْدِ، أَوْ أَنْ يُسْتَسْعَى الْعَبْدُ، وَالاِسْتِسْعَاءُ أَنْ يُؤَجِّرَهُ حَتَّى يَأْخُذَ قِيمَةَ نَصِيبِهِ، وَلاَ فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لأَِنَّ الْعِتْقَ لَيْسَ إِتْلاَفًا لِنَصِيبِ شَرِيكِهِ، بَل بَقِيَ مُحْتَبِسًا عِنْدَ الْعَبْدِ بِحَقِّهِ بِحَيْثُ لاَ يُمْكِنُ اسْتِخْلاَصُهُ مِنْهُ، وَهُوَ يُوجِبُ الضَّمَانَ، وَهَذَا لاَ يَقْتَضِي الْفَصْل بَيْنَ الْيَسَارِ وَالإِْعْسَارِ فَيَثْبُتُ خِيَارُ السِّعَايَةِ فِي الْحَالَتَيْنِ.

الصفحة 7