كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 25)
مَعَ أَنَسٍ فِي السَّفِينَةِ قُعُودًا وَلَوْ شِئْنَا لَخَرَجْنَا إِلَى الْجِدِّ (1) .
(2) قَال مُجَاهِدٌ: صَلَّيْنَا مَعَ جُنَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي السَّفِينَةِ قُعُودًا وَلَوْ شِئْنَا لَقُمْنَا.
(3) ذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ فِي كِتَابِهِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ عُقْلَةَ أَنَّهُ قَال: سَأَلْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ الصَّلاَةِ فِي السَّفِينَةِ. فَقَالاَ: إِنْ كَانَتْ جَارِيَةً يُصَلِّي قَاعِدًا، وَإِنْ كَانَتْ رَاسِيَةً يُصَلِّي قَائِمًا. مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ مَا إِذَا قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ أَوْ لاَ.
(4) أَنَّ سَيْرَ السَّفِينَةِ سَبَبٌ لِدَوَرَانِ الرَّأْسِ غَالِبًا، وَالسَّبَبُ يَقُومُ مَقَامَ الْمُسَبَّبِ إِذَا كَانَ فِي الْوُقُوفِ عَلَى الْمُسَبَّبِ حَرَجٌ، أَوْ كَانَ الْمُسَبَّبُ بِحَالٍ يَكُونُ عَدَمُهُ مَعَ وُجُودِ السَّبَبِ فِي غَايَةِ النُّدْرَةِ، فَأَلْحَقُوا النَّادِرَ بِالْعَدَمِ؛ إِذْ لاَ عِبْرَةَ بِالنَّادِرِ، وَهَاهُنَا عَدَمُ دَوَرَانِ الرَّأْسِ فِي غَايَةِ النُّدْرَةِ فَسَقَطَ اعْتِبَارُهُ وَصَارَ كَالرَّاكِبِ عَلَى الدَّابَّةِ وَهِيَ تَسِيرُ أَنَّهُ يَسْقُطُ الْقِيَامُ لِتَعَذُّرِ الْقِيَامِ عَلَيْهَا غَالِبًا، كَذَا هَذَا (2) .
__________
(1) الجدّ - بكسر الجيم وتشديد الدال - الشاطئ (حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 223) .
(2) بدائع الصنائع 1 / 109، 110، ومراقي الفلاح ص 223.
الاِقْتِدَاءُ فِي السُّفُنِ:
4 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَنْ يَأْتَمَّ رَجُلٌ مِنْ أَهْل السَّفِينَةِ بِإِمَامٍ فِي سَفِينَةٍ أُخْرَى؛ لأَِنَّ بَيْنَهُمَا طَائِفَةً مِنَ النَّهْرِ أَوِ الْبَحْرِ، إِلاَّ أَنْ تَكُونَا مَقْرُونَتَيْنِ، فَحِينَئِذٍ يَصِحُّ الاِقْتِدَاءُ لأَِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُمَا مَا يَمْنَعُ ذَلِكَ، فَكَأَنَّهُمَا فِي سَفِينَةٍ وَاحِدَةٍ لأَِنَّ السَّفِينَتَيْنِ الْمَقْرُونَتَيْنِ فِي مَعْنَى أَلْوَاحِ سَفِينَةٍ وَاحِدَةٍ (1) .
وَالْمُرَادُ بِالاِقْتِرَانِ الْمُمَاسَّةُ بَيْنَ السَّفِينَتَيْنِ مُدَّةَ الصَّلاَةِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ رَبْطٍ. وَهَذَا مَا اسْتَظْهَرَهُ الطَّحْطَاوِيُّ. وَقِيل: الْمُرَادُ بِالاِقْتِرَانِ رَبْطُهُمَا بِنَحْوِ حَبْلٍ (2) .
وَمَحَل عَدَمِ صِحَّةِ الاِقْتِدَاءِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ كَوْنُ الإِْمَامِ وَالْمَأْمُومِ فِي غَيْرِ شِدَّةِ خَوْفٍ، وَأَمَّا فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ فَيَصِحُّ الاِقْتِدَاءُ لِلْحَاجَةِ (3) .
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ جَوَازَ اقْتِدَاءِ ذَوِي سُفُنٍ مُتَقَارِبَةٍ بِإِمَامٍ وَاحِدٍ يَسْمَعُونَ تَكْبِيرَهُ أَوْ يَرَوْنَ أَفْعَالَهُ أَوْ مَنْ يَسْمَعُ عِنْدَهُ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الإِْمَامُ فِي السَّفِينَةِ الَّتِي تَلِي الْقِبْلَةَ (4) .
__________
(1) المبسوط للسرخسي 2 / 3، ومطالب أولي النهى 1 / 694.
(2) حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 160.
(3) مطالب أولي النهى 1 / 694.
(4) حاشية الدسوقي 1 / 336.
الصفحة 76