كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 25)
الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَل أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (1) } .
وَأَمَّا السُّنَّةُ فَأَحَادِيثُ مُتَعَدِّدَةٌ ثَبَتَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَحْرِيمِ الْخَمْرِ تَبْلُغُ فِي مَجْمُوعِهَا حَدَّ التَّوَاتُرِ (2) . فَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُعَرِّضُ بِالْخَمْرِ وَلَعَل اللَّهَ سَيُنَزِّل فِيهَا أَمْرًا، فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهَا شَيْءٌ فَلْيَبِعْهُ وَلْيَنْتَفِعْ بِهِ. قَال: فَمَا لَبِثْنَا إِلاَّ يَسِيرًا حَتَّى قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ الْخَمْرَ، فَمَنْ أَدْرَكَتْهُ هَذِهِ الآْيَةُ وَعِنْدَهُ مِنْهَا شَيْءٌ فَلاَ يَشْرَبْ وَلاَ يَبِعْ، قَال: فَاسْتَقْبَل النَّاسُ بِمَا كَانَ عِنْدَهُمْ مِنْهَا فِي طَرِيقِ الْمَدِينَةِ فَسَفَكُوهَا (3) .
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَال: كُل مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُل مُسْكِرٍ حَرَامٌ (4) .
__________
(1) سورة المائدة / 90، 91.
(2) نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار للشوكاني 10 / 126 وما بعدها ـ مكتبة الكليات الأزهرية 1398 هـ - 1978 م.
(3) حديث: " يا أيها الناس إن الله يعرض بالخمر ". أخرجه مسلم (3 / 1578 - ط الحلبي) من حديث أبي سعيد الخدري.
(4) حديث: " كل مسكر خمر وكل مسكر حرام ". أخرجه مسلم (3 / 1578، 1588 - ط الحلبي) من حديث ابن عمر.
وَفِي رِوَايَةٍ: كُل مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُل خَمْرٍ حَرَامٌ.
وَقَدْ أَجْمَعَتِ الأُْمَّةُ عَلَى تَحْرِيمِهِ (1) .
ثَانِيًا: الْمُسْكِرَاتُ الأُْخْرَى غَيْرُ الْخَمْرِ:
12 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي الشُّرْبِ مِنَ الأَْنْبِذَةِ الأُْخْرَى الْمُسْكِرَةِ - غَيْرِ الْخَمْرِ -
الْقَوْل الأَْوَّل:
ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ فَرْقَ بَيْنَ الْخَمْرِ الْمُتَّخَذَةِ مِنَ الْعِنَبِ وَبَيْنَ غَيْرِهَا مِنَ الأَْنْبِذَةِ الْمُسْكِرَةِ فِي تَحْرِيمِ الشُّرْبِ، فَيُسَمَّى جَمِيعُ ذَلِكَ خَمْرًا وَيَجِبُ الْحَدُّ بِشُرْبِ الْقَلِيل وَالْكَثِيرِ مِنْهَا سَوَاءٌ سَكِرَ مِنْهَا أَوْ لَمْ يَسْكَرْ (2) .
وَقَدْ رُوِيَ تَحْرِيمُ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَأَنَسٍ، وَعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَبِهِ قَال
__________
(1) المبسوط 7 / 23، المغني لابن قدامة 8 / 303.
(2) شرح منح الجليل 4 / 549، بداية المجتهد ونهاية المقتصد 2 / 477، مغني المحتاج 4 / 187، المجموع شرح المهذب 20 / 112، نهاية المحتاج 8 / 12، حاشية الجمل 5 / 158، المغني لابن قدامة 8 / 304، 305، منتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح وزيادات لابن النجار 2 / 475 - الناشر عالم الكتب، المحرر في الفقه لأبي البركات 2 / 162 - الناشر دار الكتاب العربي، الإقناع 4 / 266.
الصفحة 93