كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 26)

أَثَرُ الشَّرْطِ التَّقْيِيدِيِّ عَلَى التَّصَرُّفَاتِ:
18 - إِذَا قُيِّدَ التَّصَرُّفُ بِشَرْطٍ فَلاَ يَخْلُو هَذَا الشَّرْطُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ فَاسِدًا أَوْ بَاطِلاً.
فَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ صَحِيحًا كَمَا لَوِ اشْتَرَطَ فِي الْبَقَرَةِ كَوْنَهَا حَلُوبًا فَالْعَقْدُ جَائِزٌ لأَِنَّ الْمَشْرُوطَ صِفَةٌ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ أَوِ الثَّمَنِ، وَهِيَ صِفَةٌ مَحْضَةٌ لاَ يُتَصَوَّرُ انْقِلاَبُهَا أَصْلاً وَلاَ يَكُونُ لَهَا حِصَّةٌ مِنَ الثَّمَنِ بِحَالٍ (1) . وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ بَاطِلاً أَوْ فَاسِدًا كَمَا لَوِ اشْتَرَى نَاقَةً عَلَى أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا بَعْدَ شَهْرَيْنِ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا.
قَال فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: وَجُمْلَةُ مَا لاَ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ وَيَبْطُل بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ ثَلاَثَةَ عَشَرَ. الْبَيْعُ وَالْقِسْمَةُ وَالإِْجَارَةُ وَالرَّجْعَةُ وَالصُّلْحُ عَنْ مَالٍ وَالإِْبْرَاءُ عَنِ الدَّيْنِ وَالْحَجْرُ عَنِ الْمَأْذُونِ وَعَزْل الْوَكِيل فِي رِوَايَةِ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَتَعْلِيقُ إِيجَابِ الاِعْتِكَافِ بِالشُّرُوطِ وَالْمُزَارَعَةُ وَالْمُعَامَلَةُ وَالإِْقْرَارُ وَالْوَقْفُ فِي رِوَايَةٍ (2) .
هَذَا وَقَدْ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَهُمُ الَّذِينَ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْفَسَادِ وَالْبُطْلاَنِ إِلَى أَنَّ الشَّرْطَ التَّقْيِيدِيَّ ثَلاَثَةُ أَقْسَامٍ. صَحِيحٌ وَفَاسِدٌ وَبَاطِلٌ.
__________
(1) بدائع الصنائع 5 / 169 (ط. جمالية) .
(2) الفتاوى الهندية 4 / 396.
وَذَهَبَ غَيْرُهُمْ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَهُمُ الَّذِينَ لاَ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْفَسَادِ وَالْبُطْلاَنِ وَيَقُولُونَ: إِنَّهُمَا وَاحِدٌ إِلَى أَنَّهُ قِسْمَانِ: صَحِيحٌ وَبَاطِلٌ أَوْ صَحِيحٌ وَفَاسِدٌ.

الشَّرْطُ الصَّحِيحُ:

أ - ضَابِطُهُ:
19 - ضَابِطُهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: اشْتِرَاطُ صِفَةٍ قَائِمَةٍ بِمَحَل الْعَقْدِ وَقْتَ صُدُورِهِ أَوِ اشْتِرَاطُ مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ أَوْ مَا يُلاَئِمُ مُقْتَضَاهُ أَوِ اشْتِرَاطُ مَا وَرَدَ فِي الشَّرْعِ دَلِيلٌ بِجَوَازِ اشْتِرَاطِهِ أَوِ اشْتِرَاطِ مَا جَرَى عَلَيْهِ التَّعَامُل.
وَضَابِطُهُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: اشْتِرَاطُ صِفَةٍ قَائِمَةٍ بِمَحَل الْعَقْدِ وَقْتَ صُدُورِهِ أَوِ اشْتِرَاطُ مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ أَوِ اشْتِرَاطُ مَا لاَ يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلاَ يُنَافِيهِ.
وَضَابِطُهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: اشْتِرَاطُ صِفَةٍ قَائِمَةٍ بِمَحَل الْعَقْدِ وَقْتَ صُدُورِهِ أَوِ اشْتِرَاطُ مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ أَوِ اشْتِرَاطُ مَا يُحَقِّقُ مَصْلَحَةً مَشْرُوعَةً لِلْعَاقِدِ أَوِ اشْتِرَاطُ الْعِتْقِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إِلَيْهِ.
وَضَابِطُهُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: اشْتِرَاطُ صِفَةٍ قَائِمَةٍ بِمَحَل الْعَقْدِ وَقْتَ صُدُورِهِ أَوِ اشْتِرَاطُ مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ أَوْ يُؤَكِّدُ مُقْتَضَاهُ أَوِ اشْتِرَاطُ مَا أَجَازَ الشَّارِعُ اشْتِرَاطَهُ أَوِ اشْتِرَاطُ مَا يُحَقِّقُ مَصْلَحَةً لِلْعَاقِدِ، وَفِيمَا يَلِي تَفْصِيل ذَلِكَ:

الصفحة 11