كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 26)
الشَّرِكَةُ
التَّعْرِيفُ:
1 - الشِّرْكَةُ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ، كَنِعْمَةٍ أَوْ بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ، كَكَلِمَةٍ - وَيَجُوزُ مَعَ الْفَتْحِ أَيْضًا إِسْكَانُ الرَّاءِ - اسْمٌ مَصْدَرُ شَرِكَ، كَعَلِمَ: يُقَال: شَرِكَ الرَّجُل الرَّجُل فِي الْبَيْعِ وَالْمِيرَاثِ يَشْرَكُهُ شِرْكًا وَشَرِكَةً، خَلَطَ نَصِيبَهُ بِنَصِيبِهِ، أَوِ اخْتَلَطَ نَصِيبَاهُمَا. فَالشَّرِكَةُ إِذَنْ: خَلْطُ النَّصِيبَيْنِ وَاخْتِلاَطُهُمَا، وَالْعَقْدُ الَّذِي يَتِمُّ بِسَبَبِهِ خَلْطُ الْمَالَيْنِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا - لِصِحَّةِ تَصَرُّفِ كُل خَلِيطٍ فِي مَال صَاحِبِهِ - يُسَمَّى شَرِكَةً تَجَوُّزًا، مِنْ إِطْلاَقِ اسْمِ الْمُسَبَّبِ وَإِرَادَةِ السَّبَبِ.
وَأَمَّا فِي الاِصْطِلاَحِ الْفِقْهِيِّ: فَالشَّرِكَةُ قِسْمَانِ: شَرِكَةُ مِلْكٍ وَشَرِكَةُ عَقْدٍ (1) .
أَمَّا شَرِكَةُ الْعَقْدِ فَسَيَأْتِي الْكَلاَمُ عَلَيْهَا فِي قِسْمِهَا الْخَاصِّ بِهَا:
وَأَمَّا شَرِكَةُ الْمِلْكِ فَهِيَ أَنْ يَخْتَصَّ اثْنَانِ فَصَاعِدًا بِشَيْءٍ وَاحِدٍ، أَوْ مَا هُوَ فِي حُكْمِهِ.
__________
(1) رد المحتار 2 / 343. والمغني 5 / 3.
وَالَّذِي فِي حُكْمِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ هُوَ الْمُتَعَدِّدُ الْمُخْتَلِطُ بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ أَوْ يَتَعَسَّرُ تَفْرِيقُهُ لِتَتَمَيَّزَ أَنْصِبَاؤُهُ. سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْعَيْنُ وَالدَّيْنُ وَغَيْرُهُمَا. فَالدَّارُ الْوَاحِدَةُ، أَوِ الأَْرْضُ الْوَاحِدَةُ، مَثَلاً تَثْبُتُ فِيهَا شَرِكَةُ الْمِلْكِ بَيْنَ اثْنَيْنِ إِذَا اشْتَرَيَاهَا أَوْ وَرِثَاهَا أَوِ انْتَقَلَتْ إِلَيْهِمَا بِأَيِّ سَبَبٍ آخَرَ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ، كَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ. وَكَذَلِكَ الإِْرْدَبَّانِ مِنَ الْقَمْحِ أَوْ أَحَدُهُمَا مِنَ الْقَمْحِ وَالآْخَرُ مِنَ الشَّعِيرِ، أَوِ الْكِيسَانِ مِنَ الدَّنَانِيرِ ذَاتِ السِّكَّةِ الْوَاحِدَةِ، يُخْلَطَانِ مَعًا طَوَاعِيَةً أَوِ اضْطِرَارًا - كَإِنِ انْفَتَقَ الْكِيسَانِ الْمُتَجَاوِرَانِ.
وَقَدْ أَنْكَرَ بَعْضُهُمْ وُقُوعَ شَرِكَةِ الْمِلْكِ فِي الدُّيُونِ؛ لأَِنَّ الدَّيْنَ وَصْفٌ شَرْعِيٌّ فِي الذِّمَّةِ، فَلاَ يُمْلَكُ - وَتَمْلِيكُهُ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ، هُوَ فِي حَقِيقَةِ الأَْمْرِ، إِسْقَاطٌ لاَ تَمْلِيكٌ.
وَلَكِنَّ الْحَقَّ أَنَّهُ يُمْلَكُ، قَالُوا: بِدَلِيل أَنَّ مَا يَقْبِضُهُ أَحَدُ الدَّائِنِينَ عَنْ حِصَّتِهِ مِنَ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الدَّائِنِينَ، حَتَّى لَيَتَعَذَّرُ التَّخَلُّصُ مِنْ هَذِهِ الشَّرِكَةِ إِلاَّ بِإِعْمَال الْحِيلَةِ - كَأَنْ يَهَبَ الْمَدِينُ لِقَابِضِ قَدْرِ نَصِيبِهِ مَا قَبَضَهُ، وَيُبْرِئَهُ الْقَابِضُ مِنْ حِصَّتِهِ فِي الدَّيْنِ.
أَمَّا غَيْرُ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ، فَكَحَقِّ صَاحِبَيِ الدَّارِ فِي حِفْظِ نَحْوِ الثَّوْبِ تُلْقِيهِ فِيهَا الرِّيحُ
الصفحة 20