كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 26)

مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ وَأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ شَرْعًا، قَدْ نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا فِي كِتَابِهِ مَعَ نَهْيِهِ عَنِ الأَْوْثَانِ فَقَال اللَّهُ تَعَالَى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَْوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْل الزُّورِ} ، (1) وَقَدْ رُوِيَ عَنْ خُرَيْمِ بْنِ فَاتِكٍ الأَْسَدِيِّ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى صَلاَةَ الصُّبْحِ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَامَ قَائِمًا، فَقَال: عَدَلَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ الإِْشْرَاكَ بِاللَّهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الآْيَةَ: {وَاجْتَنِبُوا قَوْل الزُّورِ حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ} (2) .
وَرَوَى أَبُو بَكْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُول اللَّهِ، قَال ثَلاَثًا: الإِْشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ - وَكَانَ مُتَّكِئًا - فَقَال: أَلاَ وَقَوْل الزُّورِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ، أَلاَ وَقَوْل الزُّورِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ فَمَا زَال يَقُولُهَا حَتَّى قُلْتُ: لاَ يَسْكُتُ. (3)
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: لَنْ تَزُول قَدَمَا شَاهِدِ الزُّورِ حَتَّى يُوجِبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ. (4)
__________
(1) سورة الحج 30 - 31.
(2) حديث: " عدلت شهادة الزور الإشراك بالله ". أخرجه ابن ماجه (2 / 794 - ط الحلبي) وأعله ابن حجر في التلخيص (4 / 90 - ط شركة الطباعة الفنية) بقوله: " إسناده مجهول ".
(3) حديث: " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 10 / 405 - ط السلفية) ، ومسلم (1 / 91 - ط الحلبي) .
(4) حديث: " لن تزول قدما شاهد الزور ". أخرجه ابن ماجه (2 / 974 - ط الحلبي) وقال البوصيري: " إسناده ضعيف " كذا في مصباح الزجاجة (2 / 38 - ط دار الجنان) .
فَمَتَى ثَبَتَ عِنْدَ الْقَاضِي أَوِ الْحَاكِمِ عَنْ رَجُلٍ أَنَّهُ شَهِدَ بِزُورٍ عَمْدًا عَزَّرَهُ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، مَعَ اخْتِلاَفِهِمْ فِي كَيْفِيَّةِ التَّعْزِيرِ، (1) وَسَيَأْتِي آرَاءُ الْفُقَهَاءِ فِيهَا.

بِمَ تَثْبُتُ شَهَادَةُ الزُّورِ؟
3 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ شَهَادَةَ الزُّورِ لاَ تَثْبُتُ إِلاَّ بِالإِْقْرَارِ؛ لأَِنَّهُ لاَ تَتَمَكَّنُ تُهْمَةُ الْكَذِبِ فِي إِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ بِأَنْ يَشْهَدَ بِمَا يُقْطَعُ بِكَذِبِهِ: بِأَنْ يَشْهَدَ عَلَى رَجُلٍ بِفِعْلٍ فِي الشَّامِ فِي وَقْتٍ، وَيَعْلَمَ أَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فِي الْعِرَاقِ، أَوْ يَشْهَدَ بِقَتْل رَجُلٍ وَهُوَ حَيٌّ، أَوْ أَنَّ هَذِهِ الْبَهِيمَةَ فِي يَدِ هَذَا مُنْذُ ثَلاَثَةِ أَعْوَامٍ وَسِنُّهَا أَقَل مِنْ ذَلِكَ، أَوْ يَشْهَدَ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ فَعَل شَيْئًا فِي وَقْتٍ وَقَدْ مَاتَ قَبْل ذَلِكَ، أَوْ لَمْ يُولَدْ إِلاَّ بَعْدَهُ وَأَشْبَاهِ هَذَا مِمَّا يُتَيَقَّنُ بِكَذِبِهِ وَيُعْلَمُ تَعَمُّدُهُ لِذَلِكَ.
__________
(1) العناية بهامش فتح القدير 6 / 84 ط بولاق، والمبسوط للسرخسي 16 / 145، ط دار المعرفة بيروت، وبدائع الصنائع 6 / 289 - 290 ط دار الكتاب العربي، وأحكام القرآن للجصاص 3 / 41، وتبيين الحقائق 4 / 223 ط دار المعرفة بيروت، والشرح الصغير 4 / 744 ط دار المعارف بمصر، والقرطبي 12 / 55 ط الكتاب، وروضة الطالبين 11 / 145 ط المكتب الإسلامي، والمهذب 2 / 329 ط دار المعرفة. بيروت، والقليوبي وعميرة 4 / 319 ط عيسى الحلبي، والمغني 9 / 260 ط الرياض، وأعلام الموقعين 1 / 119) ط دار الجيل.

الصفحة 254