كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 26)

وَفِي الشَّرْعِ: الْمُرَادُ بِالشَّهْرِ عِنْدَ الإِْطْلاَقِ: الشَّهْرُ الْهِلاَلِيُّ. (1) قَال اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَْرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} (2)
. وَلَمْ يَخْتَلِفِ النَّاسُ فِي أَنَّ الأَْشْهُرَ الْحُرُمَ مُعْتَبَرَةٌ بِالأَْهِلَّةِ.
قَال الْقُرْطُبِيُّ: هَذِهِ الآْيَةُ تَدُل عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ تَعْلِيقُ الأَْحْكَامِ مِنَ الْعِبَادَاتِ وَغَيْرِهَا، إِنَّمَا يَكُونُ بِالشُّهُورِ وَالسِّنِينَ الَّتِي تَعْرِفُهَا الْعَرَبُ، دُونَ الشُّهُورِ الَّتِي تَعْتَبِرُهَا الْعَجَمُ وَالرُّومُ وَالْقِبْطُ، وَإِنْ لَمْ تَزِدْ (شُهُورُ سَنَوَاتِهِمْ) عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا لأَِنَّهَا مُخْتَلِفَةُ الأَْعْدَادِ: مِنْهَا مَا يَزِيدُ عَلَى ثَلاَثِينَ يَوْمًا، وَمِنْهَا مَا يَنْقُصُ. وَشُهُورُ الْعَرَبِ لاَ تَزِيدُ عَلَى ثَلاَثِينَ يَوْمًا، وَإِنْ كَانَ مِنْهَا مَا يَنْقُصُ. وَالَّذِي يَنْقُصُ لَيْسَ يَتَعَيَّنُ لَهُ شَهْرٌ، وَإِنَّمَا تَفَاوُتُهَا فِي النُّقْصَانِ وَالتَّمَامِ عَلَى حَسَبِ اخْتِلاَفِ سَيْرِ الْقَمَرِ فِي الْبُرُوجِ. (3)
وَوَرَدَ فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ هَذَا الأَْصْل فِي بَعْضِ الْمَسَائِل، كَالأَْشْهُرِ السِّتَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي أَقَل الْحَمْل، يُرِيدُونَ بِالشَّهْرِ فِيهَا
__________
(1) شرح التحرير بحاشية الشرقاوي 1 / 155، والمغني 7 / 458.
(2) سورة التوبة / 36.
(3) القرطبي 8 / 133.
ثَلاَثِينَ يَوْمًا وَلاَ يَعْنُونَ بِهِ الشَّهْرَ الْهِلاَلِيَّ. (1)
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالشَّهْرِ:
أَشْهُرُ الْحَجِّ:
2 - يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ أَشْهُرَ الْحَجِّ هِيَ: شَوَّالٌ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ أَشْهُرَ الْحَجِّ هِيَ: شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ. وَلِلتَّفْصِيل ر: (أَشْهُرُ الْحَجِّ ف 1 - 4 ج 5 49) .

الأَْشْهُرُ الْحُرُمُ:
3 - الأَْشْهُرُ الْحُرُمُ: هِيَ الَّتِي وَرَدَ ذِكْرُهَا فِي قَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَْرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} وَالْمُرَادُ بِهَا: رَجَبُ مُضَرَ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ.
وَلِلتَّفْصِيل يُنْظَرُ: (الأَْشْهُرُ الْحُرُمُ ف 1 - 6 ج 5 50) .

الْعِدَّةُ بِالشُّهُورِ:
4 - إِذَا لَمْ تَكُنْ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ ذَاتَ قُرْءٍ لِصِغَرٍ أَوْ يَأْسٍ، فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِالشُّهُورِ، لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ
__________
(1) شرح التحرير بحاشية الشرقاوي 1 / 154، وروضة الطالبين 1 / 153.

الصفحة 261