كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 26)

وَتَوَسَّعَ الشَّافِعِيَّةُ فَأَجَازُوا النَّظَرَ إِلَى جَمِيعِ جَسَدِهَا إِلاَّ مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا، وَأَجَازُوا النَّظَرَ إِلَى السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ؛ لأَِنَّهُمَا لَيْسَتَا بِعَوْرَةٍ بِالنِّسْبَةِ لِنَظَرِ الْمَحْرَمِ.
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَلَمْ يُجِيزُوا النَّظَرَ إِلاَّ إِلَى وَجْهِهَا وَيَدَيْهَا دُونَ سَائِرِ جَسَدِهَا. هَذَا وَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى حُرْمَةِ النَّظَرِ بِشَهْوَةٍ إِلَى مَحْرَمِهِ الأُْنْثَى.
ج - إِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ أَجْنَبِيَّةً حُرَّةً فَلاَ يَجُوزُ النَّظَرُ إِلَيْهَا بِشَهْوَةٍ مُطْلَقًا، أَوْ مَعَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ بِلاَ خِلاَفٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ نَظَرُ الأَْجْنَبِيِّ إِلَى سَائِرِ بَدَنِ الأَْجْنَبِيَّةِ الْحُرَّةِ إِلاَّ الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ لِقَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {قُل لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} (1) . إِلاَّ أَنَّ النَّظَرَ إِلَى مَوَاضِعِ الزِّينَةِ الظَّاهِرَةِ وَهِيَ الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ خُصَّ فِيهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} (2) وَالْمُرَادُ مِنَ الزِّينَةِ مَوَاضِعُهَا، وَمَوَاضِعُ الزِّينَةِ الظَّاهِرَةِ: الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ، فَالْكُحْل زِينَةُ الْوَجْهِ وَالْخَاتَمُ زِينَةُ الْكَفِّ؛ وَلأَِنَّهَا تَحْتَاجُ إِلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالأَْخْذِ وَالْعَطَاءِ، وَلاَ يُمْكِنُهَا ذَلِكَ عَادَةً إِلاَّ بِكَشْفِ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ، فَيَحِل لَهَا الْكَشْفُ، وَهَذَا
__________
(1) سورة النور / 30.
(2) سورة النور / 31.
قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ، وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَحِل النَّظَرُ إِلَى الْقَدَمَيْنِ.
وَالْمَالِكِيَّةُ كَالْحَنَفِيَّةِ فِي جَوَازِ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِ الأَْجْنَبِيَّةِ وَكَفَّيْهَا. أَمَّا النَّظَرُ إِلَى الْقَدَمَيْنِ فَلاَ يَجُوزُ عِنْدَهُمْ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ نَظَرُ بَالِغٍ عَاقِلٍ مُخْتَارٍ، وَلَوْ شَيْخًا أَوْ عَاجِزًا عَنِ الْوَطْءِ أَوْ مُخَنَّثًا - وَهُوَ الْمُتَشَبِّهُ بِالنِّسَاءِ - إِلَى عَوْرَةِ أَجْنَبِيَّةٍ حُرَّةٍ كَبِيرَةٍ - وَهِيَ مَنْ بَلَغَتْ حَدًّا تُشْتَهَى فِيهِ لِلنَّاظِرِ بِلاَ خِلاَفٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُل لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} وَالْمُرَادُ بِالْعَوْرَةِ: مَا عَدَا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ.
وَكَذَا يَحْرُمُ عِنْدَهُمْ: النَّظَرُ إِلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ عِنْدَ خَوْفِ فِتْنَةٍ تَدْعُو إِلَى الاِخْتِلاَءِ بِهَا لِجِمَاعٍ أَوْ مُقَدِّمَاتِهِ بِالإِْجْمَاعِ كَمَا قَال إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ.
وَكَذَا يَحْرُمُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ النَّظَرُ إِلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ عِنْدَ الأَْمْنِ مِنَ الْفِتْنَةِ فِيمَا يَظْهَرُ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ، كَذَا فِي الْمِنْهَاجِ لِلنَّوَوِيِّ.
وَوَجَّهَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَنْعِ النِّسَاءِ مِنَ الْخُرُوجِ سَافِرَاتِ الْوُجُوهِ، وَبِأَنَّ النَّظَرَ مَظِنَّةُ الْفِتْنَةِ وَمُحَرِّكٌ لِلشَّهْوَةِ، وَقَدْ قَال تَعَالَى: {قُل لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} وَاللاَّئِقُ بِمَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ سَدُّ

الصفحة 269