كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 26)

وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لاَ يَصِحُّ رَهْنُ الْمُشَاعِ، لِعَدَمِ كَوْنِهِ مُمَيَّزًا، وَمُوجِبُ الرَّهْنِ: الْحَبْسُ الدَّائِمُ مَا بَقِيَ الدَّيْنُ، وَبِالْمُشَاعِ يَفُوتُ الدَّوَامُ؛ لأَِنَّهُ لاَ بُدَّ مِنَ الْمُهَايَأَةِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَال: رَهَنْتُكَ يَوْمًا دُونَ يَوْمٍ. وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الشُّيُوعُ مُقَارِنًا أَوْ طَارِئًا، رَهَنَ مِنْ شَرِيكِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ؛ لأَِنَّ الشَّرِيكَ يُمْسِكُهُ يَوْمًا رَهْنًا، وَيَوْمًا يَسْتَخْدِمُهُ (1) . انْظُرْ: (رَهْنٌ) .

هِبَةُ الْمُشَاعِ:
11 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: إِلَى جَوَازِ هِبَةِ الْمُشَاعِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَا أَمْكَنَ قِسْمَتُهُ، وَمَا لَمْ يُمْكِنْ قِسْمَتُهُ، وَسَوَاءٌ وَهَبَهُ لِشَرِيكِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ (2) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لاَ يَجُوزُ هِبَةُ مُشَاعٍ شُيُوعًا مُقَارِنًا لِلْعَقْدِ فِيمَا يَنْقَسِمُ وَلأَِنَّهُ مَا مِنْ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْمُشَاعِ إِلاَّ وَلِلشَّرِيكِ فِيهِ مِلْكٌ، فَلاَ تَصِحُّ هِبَتُهُ؛ لأَِنَّ الْقَبْضَ الْكَامِل غَيْرُ مُمْكِنٍ، وَقِيل يَجُوزُ هِبَتُهُ لِشَرِيكِهِ. أَمَّا إِذَا كَانَ الْمُشَاعُ غَيْرَ قَابِلٍ لِلْقِسْمَةِ، بِحَيْثُ لاَ يَبْقَى مُنْتَفَعًا بِهِ إِذَا قُسِمَ تَجُوزُ هِبَتُهُ (3) . وَانْظُرْ: (هِبَةٌ) .
__________
(1) حاشية ابن عابدين 5 / 315
(2) روضة الطالبين 5 / 373، المغني 5 / 655، حاشية الدسوقي 3 / 235.
(3) الدر المختار وحاشيته 4 / 510 - 511.
إِجَارَةُ الْمُشَاعِ:
12 - يَجُوزُ إِجَارَةُ الْمُشَاعِ لِلشَّرِيكِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، أَمَّا إِجَارَتُهُ لِغَيْرِ الشَّرِيكِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صِحَّتِهِ. فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ: إِلَى صِحَّةِ إِجَارَةِ الْمُشَاعِ، وَهُوَ قَوْل الصَّاحِبَيْنِ: (أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ) ، وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، لأَِنَّ الإِْجَارَةَ أَحَدُ نَوْعَيِ الْبَيْعِ، فَتَجُوزُ فِي الْمُشَاعِ، كَمَا تَجُوزُ فِي بَيْعِ الأَْعْيَانِ، وَالْمُشَاعُ مَقْدُورُ التَّسْلِيمِ بِالْمُهَايَأَةِ؛ وَلأَِنَّهُ عَقْدٌ فِي مِلْكِهِ، يَجُوزُ مَعَ شَرِيكِهِ فَجَازَ مَعَ غَيْرِهِ كَالْبَيْعِ؛ وَلأَِنَّهُ يَجُوزُ إِذَا فَعَلَهُ الشَّرِيكَانِ مَعًا فَجَازَ لأَِحَدِهِمَا فِعْلُهُ فِي نَصِيبِهِ مُنْفَرِدًا كَالْبَيْعِ.
وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ، وَهُوَ الْقَوْل الرَّاجِحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: لاَ تَجُوزُ إِجَارَةُ الْمُشَاعِ؛ لأَِنَّهُ لاَ يُقْدَرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ فَلَمْ تَصِحَّ إِجَارَتُهُ كَالْمَغْصُوبِ.
وَلأَِنَّهُ لاَ يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ إِلاَّ بِتَسْلِيمِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ، وَلاَ وِلاَيَةَ لَهُ عَلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ (1) .
وَانْظُرْ: (إِجَارَةٌ) .

وَقْفُ الْمُشَاعِ:
13 - يَجُوزُ وَقْفُ الْمُشَاعِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ،
__________
(1) المغني 4 / 553، الفتاوى الهندية 4 / 447، ابن عابدين 5 / 29، أسنى المطالب 2 / 409، الشرح الصغير 4 / 59 - 60.

الصفحة 291