كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 26)

يَعْبُدُونَ الْمَلاَئِكَةَ، وَيُصَلُّونَ إِلَى الْقِبْلَةِ، وَيَقْرَءُونَ الزَّبُورَ، وَيُصَلُّونَ الْخَمْسَ. رَآهُمْ زِيَادُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ فَأَرَادَ وَضْعَ الْجِزْيَةِ عَنْهُمْ حِينَ عَرَفَ أَنَّهُمْ يَعْبُدُونَ الْمَلاَئِكَةَ، وَنَقَل الْقُرْطُبِيُّ: أَنَّهُمْ مُوَحِّدُونَ يَعْتَقِدُونَ تَأْثِيرَ النُّجُومِ (1) .
ح - وَقِيل: إِنَّهُمْ قَوْمٌ كَانُوا يَقُولُونَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَلَيْسَ لَهُمْ عَمَلٌ وَلاَ كِتَابٌ وَلاَ نَبِيٌّ (2) .
ط - وَقَال الصَّاحِبَانِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: إِنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْل الْكِتَابِ؛ لأَِنَّهُمْ يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ، وَعَابِدُ الْكَوْكَبِ كَعَابِدِ الْوَثَنِ (3) .
ى - وَقَال أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ ثَانِيَةٍ: إِنَّهُمْ قَوْمٌ مِنَ الْيَهُودِ؛ لأَِنَّهُمْ يَسْبِتُونَ (4) .

مَذَاهِبُ الْفُقَهَاءِ فِي حَقِيقَةِ الصَّابِئَةِ:
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حَقِيقَةِ دِينِ الصَّابِئَةِ أَهُمْ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ أَمْ لاَ، عَلَى أَقْوَالٍ:

3 - الْقَوْل الأَْوَّل: أَنَّهُمْ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ، وَهَذَا قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ، وَقَدْ جَعَلَهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ، لأَِنَّهُمْ يَقْرَءُونَ الزَّبُورَ، وَلاَ يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ، وَلَكِنْ
__________
(1) تفسير القرطبي عند الآية 62 من سورة البقرة 1 / 434.
(2) تلبيس إبليس لابن الجوزي ص 74.
(3) بدائع الصنائع 9 / 4330، الخراج لأبي يوسف 122.
(4) المبدع 3 / 404.
يُعَظِّمُونَهَا كَتَعْظِيمِ الْمُسْلِمِينَ لِلْكَعْبَةِ فِي الاِسْتِقْبَال إِلَيْهَا.
وَأَمَّا أَحْمَدُ فَقَال فِي رِوَايَةٍ: هُمْ مِنَ النَّصَارَى؛ لأَِنَّهُمْ يَدِينُونَ بِالإِْنْجِيل وَاسْتَدَل لِذَلِكَ بِمَا نُقِل عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - وَقَال فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: هُمْ مِنَ الْيَهُودِ لأَِنَّهُمْ يَسْبِتُونَ، وَاسْتَدَل لِذَلِكَ بِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَال: إِنَّهُمْ يَسْبِتُونَ (1) .

الْقَوْل الثَّانِي: أَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْل الْكِتَابِ. قَال الْقُرْطُبِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: الَّذِي تَحَصَّل مِنْ مَذْهَبِهِمْ فِيمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ عُلَمَائِنَا: أَنَّهُمْ مُوَحِّدُونَ، يَعْتَقِدُونَ تَأْثِيرَ النُّجُومِ، وَأَنَّهَا فَعَّالَةٌ، قَال: وَلِهَذَا أَفْتَى أَبُو سَعِيدٍ الإِْصْطَخْرِيُّ، الْقَاهِرَ بِاللَّهِ بِكُفْرِهِمْ، حِينَ سَأَلَهُ عَنْهُمْ (2) ، وَهُوَ قَوْل أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فِيهِمْ؛ لأَِنَّهُمْ يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ، وَعَابِدُ الْكَوَاكِبِ كَعَابِدِ الْوَثَنِ (3) .

4 - الْقَوْل الثَّالِثُ: وَهُوَ لِلشَّافِعِيَّةِ، فَقَدْ تَرَدَّدُوا فِيهِمْ. قَال النَّوَوِيُّ: الْمَذْهَبُ أَنَّهُمْ إِنْ خَالَفُوا النَّصَارَى فِي أَصْل دِينِهِمْ فَلَيْسُوا
__________
(1) بدائع الصنائع 9 / 4330، وفتح القدير لابن الهمام 5 / 191، 2 / 374، وحاشية ابن عابدين 3 / 268، ومجمع الأنهر / 670، والمغني لابن قدامة 8 / 496، وكشاف القناع 3 / 118، والمبدع 3 / 404، وتفسير القرطبي 1 / 435.
(2) تفسير القرطبي عند سورة البقرة 62، 1 / 434.
(3) كتاب الخراج ص 122، والرتاج 2 / 96، والمراجع السابقة للحنفية.

الصفحة 294