كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 26)
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالصَّاعِ:
مِقْدَارُ الصَّاعِ:
7 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مِقْدَارِ الصَّاعِ، فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الصَّاعَ: خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ بِالْعِرَاقِيِّ؛ لِمَا وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ تَصَدَّقْ بِفَرَقٍ بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ (1) قَال أَبُو عُبَيْدٍ: وَلاَ اخْتِلاَفَ بَيْنَ النَّاسِ أَعْلَمُهُ فِي أَنَّ الْفَرَقَ ثَلاَثَةُ آصُعٍ، وَالْفَرَقُ سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلاً؛ فَثَبَتَ أَنَّ الصَّاعَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ.
وَرُوِيَ: أَنَّ أَبَا يُوسُفَ حِينَمَا دَخَل الْمَدِينَةَ سَأَلَهُمْ عَنِ الصَّاعِ، فَقَالُوا: خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ، فَطَالَبَهُمْ بِالْحُجَّةِ فَقَالُوا: غَدًا. فَجَاءَ مِنَ الْغَدِ سَبْعُونَ شَيْخًا كُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَخَذَ صَاعًا تَحْتَ رِدَائِهِ فَقَال: صَاعِي وَرِثْتُهُ عَنْ أَبِي، وَوَرِثَهُ أَبِي عَنْ جَدِّي، حَتَّى انْتَهَوْا بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَالرِّطْل الْعِرَاقِيُّ عِنْدَهُمْ: مِائَةُ دِرْهَمٍ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ (2) .
وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: الصَّاعُ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ
__________
(1) حديث: " تصدق بفرق بين ستة مساكين " أخرجه البخاري (الفتح 4 / 18 - ط السلفية) .
(2) جواهر الإكليل 1 / 124، وحاشية الدسوقي 1 / 504، شرح المنهاج 2 / 36، وروضة الطالبين 2 / 301، والمغني 1 / 222 - 223.
لأَِنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ وَهُوَ رِطْلاَنِ؛ وَيَغْتَسِل بِالصَّاعِ (1) ، فَعُلِمَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ: أَنَّ مِقْدَارَ الْمُدِّ رِطْلاَنِ. فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْمُدَّ رِطْلاَنِ: يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ صَاعُ رَسُول اللَّهِ أَرْبَعَةَ أَمْدَادٍ، وَهِيَ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ لأَِنَّ الْمُدَّ رُبُعُ صَاعٍ بِاتِّفَاقٍ.
وَالرِّطْل الْعِرَاقِيُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: عِشْرُونَ أَسْتَارًا، وَالأَْسْتَارُ: سِتَّةُ دَرَاهِمَ وَنِصْفٌ (2)
الاِغْتِسَال بِالصَّاعِ:
8 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الاِغْتِسَال بِالصَّاعِ مُجْزِئٌ، إِذَا حَصَل الإِْسْبَاغُ. قَال ابْنُ قُدَامَةَ: " لَيْسَ فِي حُصُول الإِْجْزَاءِ فِي الْمُدِّ فِي الْوُضُوءِ، وَالصَّاعِ فِي الْغُسْل خِلاَفٌ نَعْلَمُهُ " فَإِنْ أَسْبَغَ بِدُونِ الصَّاعِ فِي الْغُسْل أَجْزَأَهُ ذَلِكَ؛ لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالْغُسْل وَقَدْ فَعَلَهُ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِلَى أَنَّ: الاِغْتِسَال بِالصَّاعِ سُنَّةٌ، قَال الشَّافِعِيَّةُ: يُسَنُّ أَنْ لاَ يَنْقُصَ مَاءُ الْغُسْل عَنْ صَاعٍ تَقْرِيبًا، وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ فِيمَنِ اعْتَدَل جَسَدُهُ؛ لأَِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوَضِّؤُهُ الْمُدُّ، وَيُغَسِّلُهُ الصَّاعُ. أَمَّا مَنْ لَمْ يَعْتَدِل جَسَدُهُ فَيَخْتَلِفُ
__________
(1) حديث أنس: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يغسل - أو كان يغتسل - بالصاع إلى خمسة أمداد ويتوضأ بالمد ". أخرجه البخاري، (الفتح 1 / 304 - ط السلفية) .
(2) البناية شرح الهداية 3 / 355، فتح القدير 2 / 30.
الصفحة 306