كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 26)
طُرُقُ إِثْبَاتِ الصُّحْبَةِ:
5 - الصُّحْبَةُ تَثْبُتُ بِطُرُقٍ:
(1) - مِنْهَا: التَّوَاتُرُ بِأَنَّهُ صَحَابِيٌّ.
(2) - ثُمَّ الاِسْتِفَاضَةُ، وَالشُّهْرَةُ، الْقَاصِرَةُ عَنِ التَّوَاتُرِ.
(3) - ثُمَّ بِأَنْ يُرْوَى عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّ فُلاَنًا لَهُ صُحْبَةٌ، أَوْ عَنْ أَحَدِ التَّابِعِينَ بِنَاءً عَلَى قَبُول التَّزْكِيَةِ عَنْ وَاحِدٍ.
(4) - ثُمَّ بِأَنْ يَقُول هُوَ إِذَا كَانَ ثَابِتَ الْعَدَالَةِ وَالْمُعَاصَرَةِ - أَنَا صَحَابِيٌّ، أَمَّا الشَّرْطُ الأَْوَّل: وَهُوَ الْعَدَالَةُ فَجَزَمَ بِهِ الآْمِدِيُّ وَغَيْرُهُ؛ لأَِنَّ قَوْلَهُ: أَنَا صَحَابِيٌّ، قَبْل ثُبُوتِ عَدَالَتِهِ يَلْزَمُ مِنْ قَبُول قَوْلِهِ: إِثْبَاتُ عَدَالَتِهِ، لأَِنَّ الصَّحَابَةَ كُلَّهُمْ عُدُولٌ فَيَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ قَوْل الْقَائِل: أَنَا عَدْلٌ، وَذَلِكَ لاَ يُقْبَل.
وَأَمَّا الشَّرْطُ الثَّانِي: وَهُوَ الْمُعَاصَرَةُ فَيُعْتَبَرُ بِمُضِيِّ مِائَةِ سَنَةٍ وَعَشْرِ سِنِينَ مِنْ هِجْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ لأَِصْحَابِهِ: أَرَأَيْتُكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ؟ فَإِنَّ عَلَى رَأْسِ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْهَا لاَ يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ عَلَى ظَهْرِ الأَْرْضِ أَحَدٌ (1) وَزَادَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ: أَنَّ
__________
(1) علوم الحديث لابن الصلاح 264، الإصابة 1 / 8 - 9 وحديث: " أريتكم ليلتكم هذه. . . ". أخرجه البخاري (الفتح / 1 / 211 - ط. السلفية) ومسلم (4 / 1965 - ط الحلبي) من حديث ابن عمر واللفظ لمسلم.
ذَلِكَ كَانَ قَبْل مَوْتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَهْرٍ (1) .
عَدَالَةُ مَنْ ثَبَتَتْ صُحْبَتُهُ:
6 - اتَّفَقَ أَهْل السُّنَّةِ: عَلَى أَنَّ جَمِيعَ الصَّحَابَةِ عُدُولٌ، وَلَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ إِلاَّ شُذُوذٌ مِنَ الْمُبْتَدِعَةِ.
وَهَذِهِ الْخِصِّيصَةُ لِلصَّحَابَةِ بِأَسْرِهِمْ، وَلاَ يُسْأَل عَنْ عَدَالَةِ أَحَدٍ مِنْهُمْ، بَل ذَلِكَ أَمْرٌ مَفْرُوغٌ مِنْهُ، لِكَوْنِهِمْ عَلَى الإِْطْلاَقِ مُعَدَّلِينَ بِتَعْدِيل اللَّهِ لَهُمْ وَإِخْبَارِهِ عَنْ طَهَارَتِهِمْ، وَاخْتِيَارِهِ لَهُمْ (2) بِنُصُوصِ الْقُرْآنِ، قَال تَعَالَى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} الآْيَةَ (3) .
قِيل: اتَّفَقَ الْمُفَسِّرُونَ عَلَى أَنَّ الآْيَةَ وَارِدَةٌ فِي أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَال عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} (4) وَقَال تَعَالَى: {مُحَمَّدٌ رَسُول اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ} (5) الآْيَةَ وَفِي نُصُوصِ السُّنَّةِ الشَّاهِدَةِ بِذَلِكَ كَثْرَةٌ، مِنْهَا حَدِيثُ: أَبِي سَعِيدٍ الْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ: أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَوَالَّذِي نَفْسِي
__________
(1) حديث جابر أخرجه مسلم (4 / 1966) .
(2) الإصابة 1 / 9 - 10، علوم الحديث 264.
(3) سورة آل عمران / 110.
(4) سورة البقرة / 143.
(5) سورة الفتح / 29.
الصفحة 314