كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 26)
صِحَّةٌ
التَّعْرِيفُ:
1 - الصِّحَّةُ فِي اللُّغَةِ: وَالصُّحُّ وَالصِّحَاحُ ضِدُّ السَّقَمِ، وَهِيَ أَيْضًا: ذَهَابُ الْمَرَضِ. وَالصِّحَّةُ فِي الْبَدَنِ: حَالَةٌ طَبِيعِيَّةٌ تَجْرِي أَفْعَالُهُ مَعَهَا عَلَى الْمَجْرَى الطَّبِيعِيِّ، وَقَدِ اسْتُعِيرَتِ الصِّحَّةُ لِلْمَعَانِي فَقِيل: صَحَّتِ الصَّلاَةُ إِذَا أَسْقَطَتِ الْقَضَاءَ، وَصَحَّ الْعَقْدُ إِذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَثَرُهُ، وَصَحَّ الْقَوْل إِذَا طَابَقَ الْوَاقِعَ، وَالصَّحِيحُ الْحَقُّ: وَهُوَ خِلاَفُ الْبَاطِل (1) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: الصِّحَّةُ عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ مِنْ أَقْسَامِ الْحُكْمِ الْوَضْعِيِّ (ر: مُصْطَلَحُ حُكْمٌ ف 4) .
وَاخْتَلَفَ الأُْصُولِيُّونَ فِي تَعْرِيفِ الصِّحَّةِ.
فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ الصِّحَّةَ عِبَارَةٌ عَمَّا وَافَقَ الشَّرْعَ وَجَبَ الْقَضَاءُ أَوْ لَمْ يَجِبْ، وَيَشْمَل عِنْدَهُمُ الْعِبَادَاتِ وَالْعُقُودَ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ: إِلَى أَنَّ الصِّحَّةَ فِي الْعِبَادَاتِ: انْدِفَاعُ وُجُوبِ الْقَضَاءِ.
__________
(1) المصباح المنير والصحاح ولسان العرب مادة (صحح) .
فَفِي تَعْرِيفِ الْحَنَفِيَّةِ زِيَادَةُ قَيْدٍ، إِذْ هِيَ عِنْدَهُمْ: مُوَافَقَةُ أَمْرِ الشَّارِعِ عَلَى وَجْهٍ يَنْدَفِعُ بِهِ الْقَضَاءُ.
وَفِي الْمُعَامَلاَتِ تَرَتُّبُ أَثَرِهَا وَهُوَ مَا شُرِعَتْ مِنْ أَجْلِهِ، كَحِل الاِنْتِفَاعِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ، وَالاِسْتِمْتَاعِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ.
وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلاَفِ بَيْنَ التَّعْرِيفَيْنِ فِيمَنْ صَلَّى ظَانًّا أَنَّهُ مُتَطَهِّرٌ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مُحْدِثٌ، فَتَكُونُ صَلاَتُهُ صَحِيحَةً عِنْدَ الْجُمْهُورِ؛ لأَِنَّهُ وَافَقَ الأَْمْرَ الْمُتَوَجَّهَ عَلَيْهِ فِي الْحَال، وَأَمَّا الْقَضَاءُ فَوُجُوبُهُ بِأَمْرٍ مُتَجَدِّدٍ، فَلاَ يُشْتَقُّ مِنْهُ اسْمُ الصِّحَّةِ وَتَكُونُ هَذِهِ الصَّلاَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لِعَدَمِ انْدِفَاعِ الْقَضَاءِ.
وَوَجْهُ قَوْلِهِمْ إِنَّ الصِّحَّةَ لاَ تَتَحَقَّقُ إِلاَّ بِتَحْقِيقِ الْمَقْصُودِ الدُّنْيَوِيِّ مِنَ التَّكْلِيفِ وَهُوَ فِي الْعِبَادَاتِ تَفْرِيغُ الذِّمَّةِ، وَفِي الْمُعَامَلاَتِ بِتَحْقِيقِ الأَْغْرَاضِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى الْعُقُودِ، وَالْفُسُوخِ، كَمِلْكِ الرَّقَبَةِ فِي الْبَيْعِ، وَمِلْكِ الْمُتْعَةِ فِي النِّكَاحِ، وَمِلْكِ الْمَنْفَعَةِ فِي الإِْجَارَةِ، وَالْبَيْنُونَةِ فِي الطَّلاَقِ.
وَمَا لَمْ يُوصَل إِلَى الْمَقَاصِدِ الدُّنْيَوِيَّةِ يُسَمَّى بُطْلاَنًا وَفَسَادًا.
وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ: الصَّحِيحُ فِي الْعِبَادَاتِ وَالْمُعَامَلاَتِ مَا اجْتَمَعَ أَرْكَانُهُ وَشَرَائِطُهُ حَتَّى يَكُونَ مُعْتَبَرًا فِي حَقِّ الْحُكْمِ (1)
__________
(1) المستصفى 1 / 94 - 95، مسلم الثبوت (مع المستصفى) 1 / 120 - 121، تيسير التحرير 2 / 234 - 235، جمع الجوامع بحاشية العطار 1 / 140 - 142، التلويح على التوضيح 2 / 122 - 123، التعريفات 132.
الصفحة 317