كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 26)

الأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّ صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ كَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْل صَدَقَةِ الْفَرِيضَةِ الْمُتَّفَقِ عَلَى حُرْمَتِهَا، وَذَلِكَ صِيَانَةً لِمَنْصِبِهِ الشَّرِيفِ (1)
وَقَدْ رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُتِيَ بِطَعَامٍ سَأَل عَنْهُ، فَإِنْ قِيل: صَدَقَةٌ قَال لأَِصْحَابِهِ: كُلُوا، وَلَمْ يَأْكُل، وَإِنْ قِيل لَهُ: هَدِيَّةٌ ضَرَبَ بِيَدِهِ فَأَكَل مَعَهُمْ (2) .
وَعَلَى ذَلِكَ: فَالصَّدَقَةُ بِالْمَعْنَى الْمَعْرُوفِ كَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَدْ أَبْدَل اللَّهُ تَعَالَى رَسُولَهُ بِهَا الْفَيْءَ الَّذِي يُؤْخَذُ عَلَى سَبِيل الْغَلَبَةِ وَالْقَهْرِ الْمَبْنِيِّ عَلَى عِزِّ الآْخِذِ، وَذُل الْمَأْخُوذِ مِنْهُ (3) .

ب - الصَّدَقَةُ عَلَى آل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
16 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ: عَلَى عَدَمِ جَوَازِ صَدَقَةِ الْفَرِيضَةِ عَلَى آل مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: إِنَّ الصَّدَقَةَ لاَ تَنْبَغِي لآِل مُحَمَّدٍ، إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ (4) .
__________
(1) الدسوقي مع الشرح الكبير 2 / 212، وجواهر الإكليل 1 / 273، والحطاب 3 / 397، ومغني المحتاج 3 / 120، والمغني لابن قدامة 2 / 260.
(2) حديث أبي هريرة: " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتي بطعام سأل عنه. . . " أخرجه البخاري (الفتح 5 / 203 - ط السلفية) ومسلم (2 / 756 - ط. الحلبي) .
(3) المغني 2 / 260، وعمدة القاري 3 / 135.
(4) حديث: " إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد " أخرجه مسلم (2 / 753 - ط الحلبي) من حديث عبد المطلب بن ربيعة.
أَمَّا صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ، فَالْجُمْهُورُ عَلَى جَوَازِهَا عَلَيْهِمْ. وَالْبَعْضُ يَقُولُونَ: بِعَدَمِ الْجَوَازِ (1) وَتَفْصِيل الْمَوْضُوعِ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (آلٌ 4 وَ 10)

ج - التَّصَدُّقُ عَلَى ذَوِي الْقَرَابَةِ وَالأَْزْوَاجِ:
17 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي جَوَازِ التَّصَدُّقِ عَلَى الأَْقْرِبَاءِ، وَالأَْزْوَاجِ صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ، بَل صَرَّحَ بَعْضُهُمْ: بِأَنَّهُ يُسَنُّ التَّصَدُّقُ عَلَيْهِمْ، وَلَهُمْ أَخْذُهَا، وَلَوْ كَانُوا مِمَّنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَى الْمُتَصَدِّقِ (2) ، فَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا أَنْفَقَ الرَّجُل عَلَى أَهْلِهِ يَحْتَسِبُهَا فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ (3) وَقَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَعَلَى ذِي الرَّحِمِ ثِنْتَانِ: صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ (4) .
قَال الشَّافِعِيَّةُ: دَفْعُ الصَّدَقَةِ لِقَرِيبِ أَقْرَبَ فَأَقْرَبَ رَحِمًا وَلَوْ كَانَ مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ
__________
(1) الاختيار 1 / 122 وجواهر الإكليل 1 / 138 والمغني 2 / 655 - 656.
(2) فتح القدير مع الهداية (2 / 22، 23، ط. بولاق) ، والمجموع للنووي 6 / 238، والمغني لابن قدامة 2 / 659، وكشاف القناع 2 / 336.
(3) حديث: " إذا أنفق الرجل على أهله. . . " أخرجه البخاري (الفتح 1 / 136 ط. السلفية) .
(4) حديث: " الصدقة على المسكين صدقة " أخرجه الترمذي (3 / 38 - ط الحلبي) من حديث سلمان بن عامر، وقال: " حديث حسن ".

الصفحة 331