كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 26)

الْوُضُوءَ، فَقَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّمَا عَلَيْنَا الْوُضُوءُ فِيمَا يَخْرُجُ وَلَيْسَ عَلَيْنَا فِيمَا يَدْخُل (1) ، عَلَّقَ الْحُكْمَ بِكُل مَا يَخْرُجُ، أَوْ بِمُطْلَقِ الْخَارِجِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ الْمَخْرَجِ، إِلاَّ أَنَّ خُرُوجَ الطَّاهِرِ لَيْسَ بِمُرَادٍ فَبَقِيَ خُرُوجُ النَّجِسِ مُرَادًا.
وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: مَنْ أَصَابَهُ قَيْءٌ، أَوْ رُعَافٌ، أَوْ قَلْسٌ، أَوْ مَذْيٌ، فَلْيَنْصَرِفْ فَلْيَتَوَضَّأْ، ثُمَّ لِيَبْنِ عَلَى صَلاَتِهِ وَهُوَ فِي ذَلِكَ لاَ يَتَكَلَّمُ (2) ، وَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ فِي وُجُوبِ الْوُضُوءِ بِخُرُوجِ النَّجِسِ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ.
وَعَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ لَمَّا اسْتُحِيضَتْ: تَوَضَّئِي فَإِنَّهُ دَمُ عِرْقٍ انْفَجَرَ (3) ، أَمَرَهَا بِالْوُضُوءِ وَعَلَّل بِانْفِجَارِ دَمِ
__________
(1) حديث أبي أمامة: إنما علينا الوضوء. أخرجه الطبراني (8 / 249 - ط وزارة الأوقاف العراقية) وأورده الهيثمي في المجمع (2 / 152 - ط. القدسي) وأعله بضعف راويين فيه.
(2) حديث: " من أصابه قيء أو رعاف أو قلس ". أخرجه ابن ماجه (1 / 385، 389 ط. الحلبي) من حديث عائشة، وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (1 / 223 ط دار الجنان) " هذا إسناد ضعيف ".
(3) حديث قوله لفاطمة بنت أبي حبيش: " توضئي. . . . ". حديث عائشة بلفظ: " إنما ذلك عرق وليس بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة، فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي " ولم نهتد إلى اللفظ الوارد في البحث.
الْعِرْقِ لاَ بِالْمُرُورِ عَلَى الْمَخْرَجِ، وَعَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: الْوُضُوءُ مِنْ كُل دَمٍ سَائِلٍ (1) وَالأَْخْبَارُ فِي هَذَا الْبَابِ وَرَدَتْ مَوْرِدَ الاِسْتِفَاضَةِ، حَتَّى وَرَدَ عَنِ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ قَالُوا مِثْل ذَلِكَ، مِنْهُمْ عُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ (2) .
5 - وَعَلَى ذَلِكَ إِنْ سَال الصَّدِيدُ عَلَى رَأْسِ الْجُرْحِ وَالْقُرْحِ يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ لِوُجُودِ الْحَدَثِ وَخُرُوجِ النَّجِسِ، وَهُوَ انْتِقَال النَّجِسِ مِنَ الْبَاطِنِ إِلَى الظَّاهِرِ، لَكِنَّهُ لاَ يَنْقُضُ إِلاَّ إِذَا سَال وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ، فَلَوْ ظَهَرَ الصَّدِيدُ عَلَى رَأْسِ الْجُرْحِ وَلَمْ يَسِل لَمْ يَكُنْ حَدَثًا؛ لأَِنَّهُ إِذَا لَمْ يَسِل كَانَ فِي مَحَلِّهِ إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ مُسْتَتِرًا بِالْجِلْدَةِ، وَانْشِقَاقُهَا يُوجِبُ زَوَال السُّتْرَةِ لاَ زَوَال الصَّدِيدِ عَنْ مَحَلِّهِ، وَلاَ حُكْمَ لِلنَّجَسِ مَا دَامَ فِي مَحَلِّهِ، فَإِذَا سَال عَنْ رَأْسِ الْجُرْحِ فَقَدِ انْتَقَل عَنْ مَحَلِّهِ فَيُعْطَى لَهُ حُكْمُ النَّجَاسَةِ.
وَعِنْدَ زُفَرَ: يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ سَوَاءٌ سَال عَنْ مَحَلِّهِ أَمْ لَمْ يَسِل؛ لأَِنَّ الْحَدَثَ الْحَقِيقِيَّ عِنْدَهُ هُوَ ظُهُورُ النَّجِسِ مِنَ الآْدَمِيِّ الْحَيِّ، وَقَدْ
__________
(1) حديث تميم الداري: " الوضوء من كل دم سائل ". أخرجه الدارقطني (1 / 157 - ط دار المحاسن) وأعله بانقطاع في سنده وبجهالة راويين فيه.
(2) البدائع 1 / 24.

الصفحة 345