كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 26)

وَفِيمَا يَلِي بَعْضُ الأَْمْثِلَةِ وَالْفُرُوعِ الَّتِي ذَكَرُوهَا:
12 - أ - ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّهُ: لَوْ بَاعَ إِنَاءَ فِضَّةٍ، وَقَبَضَ بَعْضَ ثَمَنِهِ، وَافْتَرَقَا، صَحَّ فِيمَا قُبِضَ وَالإِْنَاءُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا، وَبَطَل فِيمَا لَمْ يُقْبَضْ، سَوَاءٌ أَبَاعَهُ بِفِضَّةٍ أَمْ بِذَهَبٍ؛ لأَِنَّهُ صَرْفٌ وَهُوَ يَبْطُل بِالاِفْتِرَاقِ قَبْل الْقَبْضِ، فَيَتَقَدَّرُ الْفَسَادُ بِقَدْرِ مَا لَمْ يُقْبَضْ، وَلاَ يَشِيعُ لأَِنَّهُ طَارِئٌ.
وَلاَ يَكُونُ هَذَا تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ أَيْضًا؛ لأَِنَّ التَّفْرِيقَ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ بِاشْتِرَاطِ الْقَبْضِ، لاَ مِنْ جِهَةِ الْعَاقِدِ، كَمَا حَرَّرَهُ الزَّيْلَعِيُّ. وَقَال الْبَابَرْتِيُّ فِي تَعْلِيلِهِ: تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ قَبْل تَمَامِهَا لاَ يَجُوزُ، وَهَاهُنَا الصَّفْقَةُ تَامَّةٌ، فَلاَ يَكُونُ مَانِعًا (1) .
13 - ب - ذَكَرَ الْمَالِكِيَّةُ أَنَّهُ إِنِ انْعَقَدَ بَيْنَهُمَا الصَّرْفُ عَلَى أَنْ يَتَأَخَّرَ مِنْهُ شَيْءٌ فُسِخَ، وَإِنْ عَقَدَا عَلَى الْمُنَاجَزَةِ ثُمَّ أَخَّرَ أَحَدُهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ مِنْهُ انْتُقِضَ الصَّرْفُ فِيمَا وَقَعَتْ فِيهِ النَّظِرَةُ بِاتِّفَاقٍ. فَإِنْ كَانَتِ النَّظِرَةُ فِي أَقَل مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ انْتُقِضَ صَرْفُ دِينَارٍ، وَإِنْ
__________
(1) الهداية مع الفتح 6 / 267، والزيلعي 4 / 138.
كَانَ أَكْثَرَ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ انْتُقِضَ صَرْفُ دِينَارَيْنِ، وَإِنْ كَانَ فِي أَكْثَرَ مِنْ دِينَارَيْنِ انْتُقِضَ صَرْفُ ثَلاَثَةِ دَنَانِيرَ، وَهَكَذَا أَبَدًا، وَمَا وَقَعَ فِيهِ التَّنَاجُزُ عَلَى اخْتِلاَفٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ (1) .
وَمِثْلُهُ ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ الْحَفِيدُ، ثُمَّ قَال: وَمَبْنَى الْخِلاَفِ فِي الصَّفْقَةِ الْوَاحِدَةِ يُخَالِطُهَا حَرَامٌ وَحَلاَلٌ، هَل تَبْطُل الصَّفْقَةُ كُلُّهَا أَوِ الْحَرَامُ مِنْهَا فَقَطْ (2) ؟
14 - ج - وَذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ (3) أَنَّهُ لَوِ اشْتَرَى دِينَارًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ مِنْ فِضَّةٍ، وَأَقْبَضَ لِلْبَائِعِ مِنْهَا خَمْسَةً وَتَفَرَّقَا بَعْدَ قَبْضِ الْخَمْسِ فَقَطْ لَمْ يَبْطُل فِيمَا قَابَلَهَا. وَيَبْطُل فِي بَاقِي الْمَبِيعِ. وَلَوِ اسْتَقْرَضَ مِنَ الْبَائِعِ خَمْسَةً غَيْرَهَا فِي الْمَجْلِسِ، وَأَعَادَهَا لَهُ فِي الْمَجْلِسِ جَازَ. بِخِلاَفِ مَا لَوِ اسْتَقْرَضَ مِنْهُ تِلْكَ الْخَمْسَةَ فَأَعَادَهَا لَهُ، فَإِنَّ الْعَقْدَ يَبْطُل فِيهِمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ (4) .
15 - د - وَذَكَرَ الْبُهُوتِيُّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ إِنْ قَبَضَ الْبَعْضَ فِي السَّلَمِ وَالصَّرْفِ، ثُمَّ افْتَرَقَا قَبْل تَقَابُضِ الْبَاقِي بَطَل الْعَقْدُ فِيمَا لَمْ يُقْبَضْ فَقَطْ لِفَوَاتِ شَرْطِهِ (5) .
__________
(1) مواهب الجليل للحطاب 4 / 306.
(2) بداية المجتهد 2 / 173.
(3) القليوبي 2 / 167، ونهاية المحتاج 3 / 412.
(4) المرجعين السابقين مع تقديم وتأخير في العبارة.
(5) كشاف القناع 3 / 267.

الصفحة 353