كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 26)

لأَِحَدِهِمَا فَإِنِ اشْتَرَطَاهُ لَهُمَا، أَوْ لأَِحَدِهِمَا فَسَدَ الصَّرْفُ؛ لأَِنَّ قَبْضَ الْبَدَلَيْنِ مُسْتَحَقٌّ قَبْل الاِفْتِرَاقِ، وَالأَْجَل يُفَوِّتُ الْقَبْضَ الْمُسْتَحَقَّ بِالْعَقْدِ شَرْعًا، فَيَفْسُدُ الْعَقْدُ (1) .
وَذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّهُ إِنِ اشْتُرِطَ الأَْجَل ثُمَّ أَبْطَل صَاحِبُ الأَْجَل أَجَلَهُ قَبْل الاِفْتِرَاقِ، فَنَقَدَ مَا عَلَيْهِ ثُمَّ افْتَرَقَا عَنْ تَقَابُضٍ، يَنْقَلِبُ الْعَقْدُ جَائِزًا عِنْدَهُمْ، خِلاَفًا لِزُفَرَ (2) .

رَابِعًا - التَّمَاثُل:
18 - وَهَذَا الشَّرْطُ خَاصٌّ بِنَوْعٍ خَاصٍّ مِنَ الصَّرْفِ، وَهُوَ بَيْعُ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بِجِنْسِهِ.
فَإِذَا بِيعَ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، أَوِ الْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، يَجِبُ فِيهِ التَّمَاثُل فِي الْوَزْنِ. وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي الْجَوْدَةِ، وَالصِّيَاغَةِ وَنَحْوِهِمَا. وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ. وَسَوَاءٌ أَكَانَتِ الزِّيَادَةُ مِنْ جِنْسِهِ أَمْ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا. زَادَ الْحَنَفِيَّةُ: وَلاَ اعْتِبَارَ بِهِ عَدَدًا. وَالشَّرْطُ التَّسَاوِي فِي الْعِلْمِ، لاَ بِحَسَبِ نَفْسِ الأَْمْرِ فَقَطْ، فَلَوْ لَمْ يَعْلَمَا التَّسَاوِيَ، وَكَانَ فِي نَفْسِ الأَْمْرِ مُتَحَقِّقًا لَمْ يَجُزْ إِلاَّ إِذَا ظَهَرَ فِي الْمَجْلِسِ (3) .
__________
(1) البدائع 5 / 219، ومغني المحتاج 2 / 24، وكشاف القناع للبهوتي 3 / 264.
(2) البدائع 5 / 219، قال الكاساني: وهاتان الشريطتان: (شرط الخلو عن الخيار والأجل) فريعتان لشريطة القبض، إلا أن إحداهما تؤثر في نفس القبض والأخرى في صحته.
(3) ابن عابدين 4 / 234، والقوانين الفقهية ص 251، وجواهر الإكليل 2 / 10، ومغني المحتاج 2 / 24، والمغني لابن قدامة 4 / 39.
وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ وَلاَ تَبِيعُوا الْفِضَّةَ بِالْفِضَّةِ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَلاَ تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلاَ تَبِيعُوا مِنْهُمَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ (1)
وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ فِي أَنْوَاعِ الصَّرْفِ.

أَنْوَاعُ الصَّرْفِ:
19 - مِنَ الأَْمْثِلَةِ وَالصُّوَرِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْفُقَهَاءُ فِي بَابِ الصَّرْفِ وَالأَْحْكَامِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِكُل صُورَةٍ، يُمْكِنُ تَقْسِيمُ الصَّرْفِ إِلَى الأَْنْوَاعِ الآْتِيَةِ:

النَّوْعُ الأَْوَّل - بَيْعُ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ: (الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) بِجِنْسِهِ
20 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا بَاعَ فِضَّةً بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبًا بِذَهَبٍ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ يَدًا بِيَدٍ مِثْلاً بِمِثْلٍ فِي الْمِقْدَارِ وَالْوَزْنِ، فَيَحْرُمُ بَيْعُ النَّقْدِ بِجِنْسِهِ تَفَاضُلاً، كَمَا يَحْرُمُ بَيْعُهُ بِجِنْسِهِ نَسَاءً (2) وَقَدْ وَرَدَ فِي ذَلِكَ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ مِنْهَا
__________
(1) حديث: (لا تبيعوا الذهب بالذهب. . .) تقدم تخريجه ف 6.
(2) فتح القدير مع الهداية 6 / 259، 260، وتبيين الحقائق للزيلعي 4 / 134 وما بعدها، والاختيار للموصلي 2 / 40، والشرح الصغير للدردير 3 / 47، 48، وبداية المجتهد 2 / 170 وما بعدها، ومغني المحتاج 2 / 22 - 24، والمغني لابن قدامة 4 / 3 وما بعدها، وكشاف القناع 3 / 251، 252.

الصفحة 355