كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 26)
السِّكَّةِ وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ الزِّيَادَةُ؛ لأَِنَّ الأُْجْرَةَ زِيَادَةٌ، وَعَلَى كَوْنِهَا عَرْضًا تُفْرَضُ مَعَ الْعَيْنِ عَيْنًا. وَإِنَّمَا أُجِيزَتْ لِلضَّرُورَةِ؛ لِعَدَمِ تَمَكُّنِ الْمُسَافِرِ مِنَ السَّفَرِ عِنْدَ تَأْخِيرِهِ لِضَرْبِهَا (1) .
25 - الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: الشَّخْصُ يَكُونُ مَعَهُ الدِّرْهَمُ الْفِضَّةُ، وَيَحْتَاجُ إِلَى نَحْوِ الْغِذَاءِ، فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ لِنَحْوِ الزَّيَّاتِ وَيَأْخُذَ بِبَعْضِهِ طَعَامًا، وَبِالنِّصْفِ الآْخَرِ فِضَّةً، حَيْثُ كَانَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْبَيْعِ، أَوْ عِوَضِ كِرَاءٍ بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَل، لِوُجُوبِ تَعْجِيل الْجَمِيعِ، وَكَوْنِ الْمَدْفُوعِ دِرْهَمًا فَأَقَل لاَ أَكْثَرَ، وَأَنْ يَكُونَ الْمَأْخُوذُ وَالْمَدْفُوعُ مَسْكُوكَيْنِ، وَأَنْ يَجْرِيَ التَّعَامُل بِالْمَدْفُوعِ وَالْمَأْخُوذِ وَلَوْ لَمْ تَتَّحِدِ السِّكَّةُ، وَأَنْ يَتَّحِدَا فِي الرَّوَاجِ، وَأَنْ يُتَعَجَّل الدِّرْهَمُ وَمُقَابِلُهُ مِنْ عَيْنٍ وَمَا مَعَهَا (2) وَهَذَا فِي الْمُبَادَلَةِ.
26 - أَمَّا الْمُرَاطَلَةُ - وَهِيَ بَيْعُ عَيْنٍ بِمِثْلِهِ أَيْ: ذَهَبٍ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ بِفِضَّةٍ وَزْنًا بِصَنْجَةٍ أَوْ كِفَّتَيْنِ فَيُشْتَرَطُ فِيهَا التَّسَاوِي، وَلاَ تُغْتَفَرُ فِيهَا الزِّيَادَةُ وَلَوْ قَلِيلاً (3) .
27 - وَتَجُوزُ الْمُرَاطَلَةُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِنْ كَانَ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ كُلُّهُ أَجْوَدَ مِنْ جَمِيعِ مُقَابِلِهِ، كَدَنَانِيرَ مَغْرِبِيَّةٍ تُرَاطَل بِدَنَانِيرَ مِصْرِيَّةٍ أَوْ
__________
(1) الفواكه الدواني 2 / 111.
(2) الفواكه الدواني 2 / 111، 112.
(3) الشرح الصغير مع حاشية الصاوي 3 / 64، 65.
إِسْكَنْدَرِيَّةٍ، وَالْفَرْضُ أَنَّ الْمَغْرِبِيَّةَ أَجْوَدُ مِنَ الْمِصْرِيَّةِ، وَهِيَ أَجْوَدُ مِنَ الإِْسْكَنْدَرِيَّةِ، أَوْ يَكُونُ بَعْضُهُ أَجْوَدَ وَالْبَعْضُ الآْخَرُ مُسَاوٍ لِجَمِيعِ الآْخَرِ فِي الْجَوْدَةِ، لاَ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ أَحَدِهِمَا أَدْنَى مِنَ الآْخَرِ، وَبَعْضُهُ أَجْوَدَ مِنْهُ، كَسَكَنْدَرِيَّةٍ وَمَغْرِبِيَّةٍ تُرَاطَل بِمِصْرِيَّةٍ، فَلاَ يَجُوزُ لِدَوَرَانِ الْفَضْل بَيْنَ الْجَانِبَيْنِ (1) .
النَّوْعُ الثَّانِي - بَيْعُ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بِالآْخَرِ:
28 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بِالآْخَرِ مُتَفَاضِلاً فِي الْوَزْنِ وَالْعَدَدِ، أَوْ مُتَسَاوِيًا، كَمَا اتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ بَيْعِ أَحَدِهِمَا بِالآْخَرِ جُزَافًا، بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ كِلاَهُمَا قَدْرَ وَوَزْنَ الْبَدَلَيْنِ، وَذَلِكَ لِعَدَمِ الْمُجَانَسَةِ، وَقَدْ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ كَيْفَ شِئْتُمْ يَدًا بِيَدٍ وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسَانِ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ (2) .
لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي هَذَا النَّوْعِ مِنَ الصَّرْفِ أَيْضًا التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ قَبْل الاِفْتِرَاقِ، لِحُرْمَةِ رِبَا النَّسَاءِ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ الصَّرْفِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا إِلاَّ هَاءَ
__________
(1) الشرح الصغير 3 / 65، والشرح الكبير 3 / 42، 43.
(2) حديث: " إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد ". أورده الزيلعي في نصب الراية (4 / 4 ط. المجلس العلمي) وقال " غريب بهذا اللفظ "، ثم أحال إلى حديث عبادة بن الصامت والذي تقدم.
الصفحة 359