كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 26)
وَأَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فَإِنَّ شَرِكَةَ الأَْعْمَال: وَشَرِكَةَ الْوُجُوهِ؛ بَاطِلَتَانِ لِعَدَمِ الْمَال الْمُشْتَرَكِ فِيهِمَا وَلِلْغَرَرِ فِي شَرِكَةِ الأَْعْمَال وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى بُطْلاَنِ شَرِكَةِ الْوُجُوهِ لأَِنَّهَا مِنْ بَابِ الضَّمَانِ بِجُعْلٍ وَمِنْ بَابِ السَّلَفِ الَّذِي يَجُرُّ نَفْعًا وَسَمَّوْهَا شَرِكَةَ الذِّمَمِ (1) .
تَقْسِيمُ شَرِكَةِ الْعَقْدِ بِاعْتِبَارِ مَحَلِّهَا:
5 - تَنْقَسِمُ الشَّرِكَةُ بِهَذَا الاِعْتِبَارِ إِلَى ثَلاَثَةِ أَقْسَامٍ:
(1) - شَرِكَةُ أَمْوَالٍ.
(2) - شَرِكَةُ أَعْمَالٍ.
(3) - شَرِكَةُ وُجُوهٍ.
ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ رَأْسُ مَال الشَّرِكَةِ نُقُودًا، كَانَتْ شَرِكَةَ أَمْوَالٍ، وَإِنْ كَانَ الْعَمَل لِلْغَيْرِ كَانَتْ شَرِكَةَ أَعْمَالٍ، (شَرِكَةَ صَنَائِعَ) ، وَتُسَمَّى أَيْضًا شَرِكَةَ أَبْدَانٍ (2) .
وَتُسَمَّى كَذَلِكَ شَرِكَةَ التَّقَبُّل: لأَِنَّ التَّقَبُّل قَدْ يَكُونُ مِمَّنْ لاَ يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ بِأَيِّ عَمَلٍ لِلْغَيْرِ سِوَى التَّقَبُّل نَفْسِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ تَحْصُل بِهِ هَذِهِ الشَّرِكَةُ؛ لأَِنَّهُ مُلْزِمٌ لِشَرِيكِهِ الْقَادِرِ،
__________
(1) فتح القدير 5 / 7، 24، 28، 30، ومغني المحتاج 2 / 212، والخرشي 4 / 371، وبدائع الصنائع 6 / 58.
(2) لعل ابن عابدين يستبعد عد العمل العقلي بدنيا، فلذا تراه يقول في تعليل التسمية: لأن العمل يكون منهما (أي: الشريكين) غالبًا بأبدانهما: رد المحتار 3 / 359 وبدائع الصنائع 6 / 63.
فَهُمَا شَرِيكَانِ بِالتَّقَبُّل.
أَمَّا إِذَا كَانَ مَا تَقُومُ الشَّرِكَةُ عَلَيْهِ مَا لِلشَّرِيكَيْنِ أَوْ لِلشُّرَكَاءِ مِنْ وَجَاهَةٍ عِنْدَ النَّاسِ وَمَنْزِلَةٍ تَصْلُحُ لِلاِسْتِغْلاَل، فَالشَّرِكَةُ شَرِكَةُ وُجُوهٍ. وَلِعَدَمِ رَأْسِ الْمَال فِيهَا، وَغَلَبَةِ وُقُوعِهَا بَيْنَ الْمُعْدِمِينَ - تُسَمَّى: شَرِكَةَ الْمَفَالِيسِ.
هَذَا عَلَى الإِْجْمَال. أَمَّا التَّفْصِيل:
6 - فَشَرِكَةُ الأَْمْوَال: عَقْدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ، عَلَى أَنْ يَتَّجِرُوا فِي رَأْسِ مَالٍ لَهُمْ، وَيَكُونَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمْ بِنِسْبَةٍ مَعْلُومَةٍ. سَوَاءٌ عُلِمَ مِقْدَارُ رَأْسِ الْمَال عِنْدَ الْعَقْدِ أَمْ لاَ؛ لأَِنَّهُ يُعْلَمُ عِنْدَ الشِّرَاءِ، وَسَوَاءٌ شَرَطُوا أَنْ يُشْرَكُوا جَمِيعًا فِي كُل شِرَاءٍ وَبَيْعٍ، أَمْ شَرَطُوا أَنْ يَنْفَرِدَ كُل وَاحِدٍ بِصَفَقَاتِهِ، أَمْ أَطْلَقُوا. وَلَيْسَ حَتْمًا أَنْ يَقَعَ الْعَقْدُ بِلَفْظِ التِّجَارَةِ، بَل يَكْفِي مَعْنَاهَا: كَأَنْ يَقُول الشَّرِيكَانِ: اشْتَرَكْنَا فِي مَالِنَا هَذَا، عَلَى أَنْ نَشْتَرِيَ وَنَبِيعَ، وَنَقْسِمَ الرِّبْحَ مُنَاصَفَةً.
7 - وَأَمَّا شَرِكَةُ الأَْعْمَال: فَهِيَ: أَنْ يَتَعَاقَدَ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ عَلَى أَنْ يَتَقَبَّلُوا نَوْعًا مُعَيَّنًا (1) مِنَ الْعَمَل أَوْ أَكْثَرَ أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ لَكِنَّهُ عَامٌّ، وَأَنْ
__________
(1) أي: معينًا نوعًا ومحلاً: كخياطة الثياب، وتنجيد الأثاث، وتعليم الكتابة والحساب، وتحفيظ القرآن، وما إلى ذلك مما تنشأ له المدارس وغيرها، رد المحتار 3 / 358، والهندية 2 / 331.
الصفحة 36