كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 26)
أَوِ الْجَهْل بِالْمُمَاثَلَةِ (1) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، يَجُوزُ بَيْعُ نَقْدٍ مَعَ غَيْرِهِ بِنَقْدٍ مِنْ جِنْسِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَزِيدَ الثَّمَنُ (أَيِ النَّقْدُ الْمُفْرَدُ) عَلَى النَّقْدِ الْمَضْمُومِ إِلَيْهِ. وَإِلاَّ بِأَنْ تَسَاوَى النَّقْدَانِ، أَوْ كَانَ النَّقْدُ الْمُفْرَدُ أَقَل بَطَل الْبَيْعُ، لِتَحَقُّقِ التَّفَاضُل الْمُحَرَّمِ. وَكَذَا إِذَا لَمْ يُدْرَ الْحَال؛ لاِحْتِمَال الْمُفَاضَلَةِ وَالرِّبَا (2) .
فَمَنْ بَاعَ سَيْفًا مُحَلًّى بِثَمَنٍ أَكْثَرَ مِنَ الْحِلْيَةِ، وَكَانَ الثَّمَنُ مِنْ جِنْسِ الْحِلْيَةِ جَازَ، وَذَلِكَ لِمُقَابَلَةِ الْحِلْيَةِ بِمِثْلِهَا ذَهَبًا كَانَتْ أَمْ فِضَّةً.
وَالزِّيَادَةُ بِالنَّصْل وَالْحَمَائِل وَالْجَفْنِ. وَالْعَقْدُ إِذَا أَمْكَنَ حَمْلُهُ عَلَى الصِّحَّةِ لَمْ يُحْمَل عَلَى الْفَسَادِ. وَإِنْ بَاعَهُ بِأَقَل مِنْ قَدْرِ الْحِلْيَةِ أَوْ مِثْلِهِ لاَ يَجُوزُ؛ لأَِنَّهُ رِبًا. وَلأَِنَّهُ قَبَضَ قَدْرَ الْحِلْيَةِ قَبْل الاِفْتِرَاقِ؛ لأَِنَّهُ صَرْفٌ، فَلاَ بُدَّ مِنْ قَبْضِ الْبَدَلَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ (3) .
وَلَوِ اشْتَرَاهُ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَالْحِلْيَةُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَقَبَضَ مِنْهَا عَشَرَةً فَهِيَ فِي حِصَّةِ الْحِلْيَةِ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهَا، حَمْلاً لِتَصَرُّفِهِ عَلَى الصِّحَّةِ. وَكَذَا إِذَا قَال خُذْهَا مِنْ ثَمَنِهِمَا؛ لأَِنَّ قَصْدَهُ
__________
(1) المغني لابن قدامة 4 / 39 - 41، ومغني المحتاج 2 / 28، 29.
(2) فتح القدير مع الهداية 6 / 266.
(3) الاختيار 2 / 40، 41 وابن عابدين 4 / 236، 237.
الصِّحَّةُ، وَقَدْ يُرَادُ بِالاِثْنَيْنِ أَحَدُهُمَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} (1) فَإِنِ افْتَرَقَا لاَ عَنْ قَبْضٍ بَطَل الْبَيْعُ فِيهِمَا إِنْ كَانَتِ الْحِلْيَةُ لاَ تَتَخَلَّصُ إِلاَّ بِضَرَرٍ كَجِذْعٍ فِي سَقْفٍ، وَإِنْ كَانَتْ تَتَخَلَّصُ بِغَيْرِ ضَرَرٍ جَازَ فِي السَّيْفِ وَبَطَل فِي الْحِلْيَةِ (2) .
31 - وَمِنْ هَذَا الْبَابِ مَا ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّهُ لَوْ تَبَايَعَا فِضَّةً بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبًا بِذَهَبٍ وَأَحَدُهُمَا أَقَل وَمَعَ أَقَلِّهِمَا شَيْءٌ آخَرُ تَبْلُغُ قِيمَتُهُ بَاقِيَ الذَّهَبِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ فَيَجُوزُ مَعَ الْكَرَاهَةِ.
أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ كَالتُّرَابِ فَلاَ يَجُوزُ الْبَيْعُ لِتَحَقُّقِ الرِّبَا، إِذِ الزِّيَادَةُ لاَ يُقَابِلُهَا عِوَضٌ (3) .
32 - أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَالأَْصْل عِنْدَهُمْ فِي بَيْعِ الْمُحَلَّى الْمَنْعُ؛ لأَِنَّ فِي بَيْعِهِ بِصِنْفِهِ بَيْعَ ذَهَبٍ وَعَرَضٍ بِذَهَبٍ، أَوْ بَيْعَ فِضَّةٍ وَعَرَضٍ بِفِضَّةٍ لَكِنْ رُخِّصَ فِيهِ لِلضَّرُورَةِ بِشُرُوطٍ ثَلاَثَةٍ وَهِيَ:
1 - أَنْ تَكُونَ تَحْلِيَتُهُ مُبَاحًا، كَسَيْفٍ وَمُصْحَفٍ.
__________
(1) سورة الرحمن الآية (22) .
(2) الاختيار 2 / 40، 41، وفتح القدير 6 / 266، وابن عابدين 4 / 237.
(3) الهداية مع الفتح 6 / 272.
الصفحة 361