كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 26)

رِبَا فِي دَيْنٍ سَقَطَ، وَإِنَّمَا الرِّبَا فِي دَيْنٍ يَقَعُ الْخَطَرُ فِي عَاقِبَتِهِ (1) .
أَمَّا إِذَا بَاعَ الْمَدِينُ الدِّينَارَ بِعَشَرَةٍ مُطْلَقَةٍ أَيْ: بِغَيْرِ ذِكْرِ: (دَيْنٍ عَلَيْهِ) وَدَفَعَ الْبَائِعُ الدِّينَارَ لِلْمُشْتَرِي فَيَصِحُّ ذَلِكَ إِذَا تَوَافَقَا عَلَى مُقَاصَّةِ الْعَشَرَةِ بِالْعَشَرَةِ اسْتِحْسَانًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ، وَهُوَ قَوْل زُفَرَ، لِكَوْنِهِ تَصَرُّفًا فِي بَدَل الصَّرْفِ قَبْل قَبْضِهِ، وَوَجْهُ الاِسْتِحْسَانِ أَنَّهُ بِالتَّقَابُضِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ الأَْوَّل وَانْعَقَدَ صَرْفٌ آخَرُ مُضَافٌ إِلَى الدَّيْنِ (2) .
هَذَا، وَقَدْ صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهُ إِذَا كَانَ الدَّيْنَانِ مِنْ جِنْسَيْنِ أَوْ مُتَفَاوِتَيْنِ فِي الْوَصْفِ أَوْ مُؤَجَّلَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا حَالًّا وَالآْخَرُ مُؤَجَّلاً أَوْ أَحَدُهُمَا غَلَّةً (3) وَالآْخَرُ صَحِيحًا فَلاَ تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ إِلاَّ إِذَا تَقَاصَّا أَيِ: اتَّفَقَا عَلَى الْمُقَاصَّةِ، كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسُ وَتَقَاصَّا، كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ مِائَةُ دِرْهَمَ وَلِلْمَدْيُونِ مِائَةُ دِينَارٍ عَلَيْهِ تَصِيرُ الدَّرَاهِمُ قِصَاصًا بِمِائَةٍ مِنْ
__________
(1) ابن عابدين 4 / 239، والهداية مع الفتح وحاشية العناية 6 / 262، والزيلعي 4 / 140.
(2) نفس المراجع.
(3) الغلة هي: الدارهم أو الدنانير المقطعة - انظر تبيين الحقائق 4 / 139.
قِيمَةِ الدَّنَانِيرِ، وَيَبْقَى لِصَاحِبِ الدَّنَانِيرِ عَلَى صَاحِبِ الدَّرَاهِمِ مَا بَقِيَ مِنْهَا (1) .
39 - أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَدْ فَصَّلُوا فِي الْمَوْضُوعِ وَقَالُوا: إِنْ وَقَعَ صَرْفُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ فَإِنْ تَأَجَّل الدَّيْنَانِ عَلَيْهِمَا، بِأَنْ كَانَ لأَِحَدِهِمَا عَلَى الآْخَرِ دَنَانِيرُ مُؤَجَّلَةٌ وَلِلآْخَرِ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ كَذَلِكَ، سَوَاءٌ اتَّفَقَ الأَْجَلاَنِ أَمِ اخْتَلَفَا، وَتَصَارَفَا قَبْل حُلُولِهِمَا بِأَنْ أَسْقَطَ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا لَهُ عَلَى الآْخَرِ فِي نَظِيرِ إِسْقَاطِ الآْخَرِ مَا لَهُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لاَ يَجُوزُ لأَِنَّهُ يَكُونُ مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ كَمَا قَال ابْنُ رُشْدٍ (2) . كَذَلِكَ لاَ يَجُوزُ إِنْ تَأَجَّل مِنْ أَحَدِهِمَا وَحَل الآْخَرُ. قَال الأَْبِيُّ فِي وَجْهِ عَدَمِ الْجَوَازِ: إِنَّ الْحَقَّ فِي أَجَل دَيْنِ النَّقْدِ لِلْمَدِينِ وَحْدَهُ، وَلَيْسَ لِلدَّائِنِ أَخْذُهُ قَبْل أَجَلِهِ بِغَيْرِ رِضَا الْمَدِينِ. فَإِنْ تَأَجَّلاَ فَقَدِ اشْتَرَى كُلٌّ مِنْهُمَا مَا عَلَيْهِ عَلَى أَنْ لاَ يَسْتَحِقَّهُ حَتَّى يَحِل أَجَلُهُ، فَيَقْضِيَهُ مِنْ نَفْسِهِ فَقَدْ تَأَخَّرَ قَبْضُ كُلٍّ مِنْهُمَا مَا اشْتَرَاهُ بِالصَّرْفِ عَنْ عَقْدِهِ بِمُدَّةِ الأَْجَل، وَإِنْ تَأَجَّل مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَدِ اشْتَرَى الْمَدِينُ الْمُؤَجِّل مَا هُوَ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَسْتَحِقُّ قَبْضَهُ إِلاَّ بَعْدَ مُضِيِّ أَجَلِهِ، فَيَقْضِيهِ مِنْ نَفْسِهِ، فَقَدْ تَأَخَّرَ قَبْضُهُ عَنْ صَرْفِهِ بِمُدَّةِ الأَْجَل (3) .
__________
(1) ابن عابدين 4 / 239، 240.
(2) جواهر الإكليل 2 / 10، 11 وبداية المجتهد 2 / 174.
(3) جواهر الإكليل 2 / 10، 11، الحطاب 4 / 310، والشرح الكبير 3 / 50، 51.

الصفحة 365