كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 26)
مَغْلُوبَةً جُعِلَتْ كَأَنَّ كُلَّهَا فِضَّةٌ فِي حَقِّ الصَّرْفِ احْتِيَاطًا (1) .
42 - وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ: إِلَى جَوَازِ بَيْعِ نَقْدٍ مَغْشُوشٍ، كَدَنَانِيرَ فِيهَا فِضَّةٌ أَوْ نُحَاسٌ، أَوْ دَرَاهِمَ فِيهَا نُحَاسٌ بِمَغْشُوشٍ مِثْلِهِ مُرَاطَلَةً أَوْ مُبَادَلَةً. قَال الْحَطَّابُ: ظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَتَسَاوَ غِشُّهُمَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلاَمِ ابْنِ رُشْدٍ. وَجَازَ بَيْعُ نَقْدٍ مَغْشُوشٍ بِخَالِصٍ مِنَ الْغِشِّ عَلَى الْقَوْل الرَّاجِحِ مِنْ كَلاَمِ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا.
وَالأَْظْهَرُ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ خِلاَفُهُ، أَيْ: مَنْعُ بَيْعِ النَّقْدِ الْمَغْشُوشِ بِالنَّقْدِ الْخَالِصِ مِنَ الْغِشِّ، وَنَقَل الأَْبِيُّ عَنِ التَّوْضِيحِ بَعْدَ ذِكْرِ الْخِلاَفِ: أَنَّهُمْ إِنَّمَا تَكَلَّمُوا فِي الْمَغْشُوشِ الَّذِي لاَ يَجْرِي بَيْنَ النَّاسِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلاَمِهِمْ جَوَازُ بَيْعِ الْمَغْشُوشِ بِصِنْفِهِ الْخَالِصِ إِذَا كَانَ يَجْرِي بَيْنَ النَّاسِ (2) .
وَيُشْتَرَطُ لِجَوَازِ بَيْعِ الْمَغْشُوشِ: أَنْ يُبَاعَ لِمَنْ يَكْسِرُهُ لِيُصَيِّغَهُ حُلِيًّا، أَوْ لاَ يَغُشَّ بِهِ بِأَنْ يَدَّخِرَهُ لِعَاقِبَةٍ مَثَلاً.
وَيُكْرَهُ بَيْعُهُ لِمَنْ لاَ يُؤْمَنُ غِشُّهُ بِهِ: كَالصَّيَارِفَةِ، وَفَسْخُ بَيْعِهِ مِمَّنْ يُعْلَمُ أَنَّهُ يَغُشُّ بِهِ إِنْ كَانَ قَائِمًا وَقُدِّرَ عَلَيْهِ إِلاَّ أَنْ يَفُوتَ
__________
(1) المراجع السابقة.
(2) مواهب الجليل للحطاب 4 / 335، وجواهر الإكليل 2 / 16.
الْمَغْشُوشُ (1) .
43 - أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَقَالُوا: الْغِشُّ الْمُخَالِطُ فِي الْمَوْزُونِ مَمْنُوعٌ مُطْلَقًا، قَلِيلاً كَانَ أَمْ كَثِيرًا؛ لأَِنَّهُ يَظْهَرُ فِي الْوَزْنِ وَيَمْنَعُ التَّمَاثُل (2) . فَلاَ تُبَاعُ فِضَّةٌ خَالِصَةٌ بِمَغْشُوشَةٍ، وَلاَ فِضَّةٌ مَغْشُوشَةٌ بِفِضَّةٍ مَغْشُوشَةٍ (3) قَال السُّبْكِيُّ: لاَ يَجُوزُ بَيْعُ الْخَالِصَةِ بِالْمَغْشُوشَةِ، وَإِنْ قَل الْغِشُّ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْغِشُّ مِمَّا قِيمَتُهُ بَاقِيَةٌ أَمْ لاَ، لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الأَْصْحَابِ فِي ذَلِكَ؛ لأَِنَّهُ إِنْ كَانَ الْغِشُّ مِمَّا قِيمَتُهُ بَاقِيَةٌ فَبَيْعُ الْخَالِصَةِ بِالْمَغْشُوشَةِ هُوَ بَيْعُ فِضَّةٍ بِفِضَّةٍ وَشَيْءٍ، فَصَارَ كَمَسْأَلَةِ (مُدِّ عَجْوَةٍ) .
وَلأَِنَّ الْفِضَّةَ هِيَ الْمَقْصُودَةُ، وَهِيَ مَجْهُولَةٌ غَيْرُ مُتَمَيِّزَةٍ؛ فَأَشْبَهَ بَيْعَ تُرَابِ الصَّاغَةِ وَاللَّبَنِ الْمَشُوبِ بِالْمَاءِ (4) .
وَأَمَّا الْمَغْشُوشَةُ بِغِشٍّ لاَ قِيمَةَ لَهُ بَاقِيَةٌ فَلِلْجَهْل بِالْمُمَاثَلَةِ، أَوْ تَحَقُّقِ الْمُفَاضَلَةِ، فَلاَ يَجُوزُ بَيْعُهَا بِالْخَالِصَةِ، وَلاَ بِالْمَغْشُوشَةِ مِثْلِهَا (5) .
وَنَقَل السُّبْكِيُّ عَنْ صَاحِبِ التُّحْفَةِ فِي
__________
(1) جواهر الإكليل 2 / 16، والشرح الصغير مع حاشية الصاوي 3 / 65، 66.
(2) تكملة المجموع للسبكي 10 / 398.
(3) المهذب 1 / 281.
(4) تكملة المجموع 1 / 408، 409.
(5) تكملة المجموع 10 / 409، والمهذب 1 / 281، ومغني المحتاج 2 / 17.
الصفحة 368
414