كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 26)

تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ، وَلاَ يَعُودُ وَزْنِيًّا لِبَقَاءِ الاِصْطِلاَحِ عَلَى الْعَدِّ.
وَقَال مُحَمَّدٌ: لاَ يَجُوزُ لأَِنَّ الثَّمَنِيَّةَ تَثْبُتُ بِاصْطِلاَحِ الْكُل فَلاَ تَبْطُل بِاصْطِلاَحِهِمَا، وَإِذَا بَقِيَتْ أَثْمَانًا لاَ تَتَعَيَّنُ؛ فَصَارَ كَمَا إِذَا كَانَا بِغَيْرِ أَعْيَانِهِمَا كَبَيْعِ الدِّرْهَمِ بِالدِّرْهَمَيْنِ (1) .
قَال ابْنُ الْهُمَامِ: صُوَرُ بَيْعِ الْفَلْسِ بِجِنْسِهِ أَرْبَعٌ:
الأُْولَى: أَنْ يَبِيعَ فَلْسًا بِغَيْرِ عَيْنِهِ بِفَلْسَيْنِ بِغَيْرِ أَعْيَانِهِمَا فَلاَ يَجُوزُ؛ لأَِنَّ الْفُلُوسَ الرَّائِجَةَ أَمْثَالٌ مُتَسَاوِيَةٌ - قَطْعًا - لاِصْطِلاَحِ النَّاسِ عَلَى سُقُوطِ قِيمَةِ الْجَوْدَةِ مِنْهَا، فَيَكُونُ أَحَدُهُمَا فَضْلاً خَالِيًا مَشْرُوطًا فِي الْعَقْدِ وَهُوَ الرِّبَا.
الثَّانِيَةُ: أَنْ يَبِيعَ فَلْسًا بِعَيْنِهِ بِفَلْسَيْنِ بِغَيْرِ عَيْنِهِمَا فَلاَ يَجُوزُ - أَيْضًا - وَإِلاَّ أَمْسَكَ الْبَائِعُ الْفَلْسَ الْمُعَيَّنَ وَقَبَضَهُ بِعَيْنِهِ مِنْهُ مَعَ فَلْسٍ آخَرَ، لاِسْتِحْقَاقِهِ فَلْسَيْنِ فِي ذِمَّتِهِ، فَيَرْجِعُ إِلَيْهِ عَيْنُ مَالِهِ، وَيَبْقَى الْفَلْسُ الآْخَرُ خَالِيًا عَنِ الْعِوَضِ.
الثَّالِثَةُ: أَنْ يَبِيعَ فَلْسَيْنِ بِأَعْيَانِهِمَا بِفَلْسٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَلاَ يَجُوزُ كَذَلِكَ؛ لأَِنَّهُ لَوْ جَازَ لَقَبَضَ الْمُشْتَرِي الْفَلْسَيْنِ، وَدَفَعَ إِلَيْهِ أَحَدَهُمَا مَكَانَ مَا اسْتَوْجَبَ عَلَيْهِ؛ فَيَبْقَى الآْخَرُ فَضْلاً بِلاَ عِوَضٍ اسْتُحِقَّ بِعَقْدِ الْبَيْعِ، وَهَذَا
__________
(1) الهداية مع الفتح 6 / 162.
إِذَا رَضِيَ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ قَبْل قَبْضِ الثَّمَنِ.
الرَّابِعَةُ: أَنْ يَبِيعَ فَلْسًا بِعَيْنِهِ بِفَلْسَيْنِ بِعَيْنِهِمَا، فَيَجُوزُ خِلاَفًا لِمُحَمَّدٍ (1) .

الاِتِّجَاهُ الثَّانِي:
47 - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ فِي الرَّاجِحِ عِنْدَهُمْ - وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، جَزَمَ بِهَا أَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلاَفِهِ، وَهُوَ قَوْل مُحَمَّدٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ - إِلَى: أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ بَيْعُ الْفُلُوسِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلاً وَلاَ نَسَاءً، وَلاَ بَيْعُهَا بِالذَّهَبِ أَوِ الْفِضَّةِ نَسَاءً (2) .
فَفِي الْمُدَوَّنَةِ: أَرَأَيْتَ إِنِ اشْتَرَيْتَ خَاتَمَ فِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ أَوْ تِبْرِ ذَهَبٍ بِفُلُوسٍ فَافْتَرَقْنَا قَبْل أَنْ نَتَقَابَضَ؟ قَال: لاَ يَجُوزُ لأَِنَّ مَالِكًا قَال: لاَ يَجُوزُ فَلْسٌ بِفَلْسَيْنِ وَلاَ تَجُوزُ الْفُلُوسُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلاَ بِالدَّنَانِيرِ نَظِرَةً (3) .
وَنَقَل ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَرَبِيعَةَ أَنَّهُمَا كَرِهَا الْفُلُوسَ بِالْفُلُوسِ بَيْنَهُمَا فَضْلٌ أَوْ نَظِرَةٌ، وَقَالاَ: إِنَّهَا صَارَتْ سِكَّةً مِثْل سِكَّةِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ (4) وَحَمَل بَعْضُهُمُ الْكَرَاهَةَ عَلَى التَّحْرِيمِ (5) .
__________
(1) فتح القدير مع الهداية 6 / 162، 163.
(2) المدونة الكبرى 3 / 395، 396، فتح القدير مع الهداية 6 / 162، 163، وكشاف القناع 3 / 252، والفروع وتصحيحها 4 / 147، 151.
(3) المدونة 3 / 395، 396.
(4) نفس المرجع.
(5) إرشاد السالك مع شرحه أسهل المدارك 2 / 233.

الصفحة 371