كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 27)

أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي صَلاَتِهِمْ. فَاشْتَدَّ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ حَتَّى قَال: لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ، أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ (1) .
قَال الأَْذْرَعِيُّ: وَالْوَجْهُ تَحْرِيمُهُ عَلَى الْعَامِدِ الْعَالِمِ بِالنَّهْيِ الْمُسْتَحْضِرِ لَهُ.
وَرُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا صَلَّى رَفَعَ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ - فَنَزَلَتْ {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ} فَطَأْطَأَ رَأْسَهُ (2) .
قَال الْحَنَابِلَةُ: وَلاَ يُكْرَهُ رَفْعُ بَصَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ حَال التَّجَشِّي إِذَا كَانَ فِي جَمَاعَةٍ لِئَلاَّ يُؤْذِيَ مَنْ حَوْلَهُ بِالرَّائِحَةِ (3) .

وَيُكْرَهُ - أَيْضًا - النَّظَرُ إِلَى مَا يُلْهِي عَنِ الصَّلاَةِ، لِحَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَلَّى فِي خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلاَمٌ، فَنَظَرَ إِلَى أَعْلاَمِهَا نَظْرَةً، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَال: اذْهَبُوا بِخَمِيصَتِي هَذِهِ إِلَى أَبِي
__________
(1) حديث: " ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم. . . . ". أخرجه البخاري (الفتح 2 / 233 - ط. السلفية) ، ومسلم (1 / 321 - ط. الحلبي) .
(2) حديث: " أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى رفع بصره إلى السماء. . ". أخرجه الحاكم (2 / 393 - ط. دائرة المعارف العثمانية) من حديث أبي هريرة، وصوب الذهبي إرساله.
(3) الطحطاوي على مراقي الفلاح 194، 195، مجمع الأنهر 1 / 124، مغني المحتاج 1 / 201، كشاف القناع 1 / 370.
جَهْمٍ وَأْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّةِ أَبِي جَهْمٍ؛ فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِي آنِفًا عَنْ صَلاَتِي (1) ؛ وَلأَِنَّهُ يَشْغَلُهُ عَنْ إِكْمَال الصَّلاَةِ (2) .

90 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى كَرَاهَةِ التَّخَصُّرِ - وَهُوَ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى خَاصِرَتِهِ فِي الْقِيَامِ - لِقَوْل أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُل مُتَخَصِّرًا (3) .
قَال الدُّسُوقِيُّ: الْخَصْرُ: هُوَ مَوْضِعُ الْحِزَامِ مِنْ جَنْبِهِ، وَإِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ لأَِنَّ هَذِهِ الْهَيْئَةَ تُنَافِي هَيْئَةَ الصَّلاَةِ.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَحْرِيمِيَّةٌ فِي الصَّلاَةِ لِلنَّهْيِ الْمَذْكُورِ.
وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِجَوَازِ ذَلِكَ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَالْحَاجَةِ (4) .

91 - كَمَا اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى كَرَاهَةِ مَا كَانَ مِنَ الْعَبَثِ وَاللَّهْوِ كَفَرْقَعَةِ الأَْصَابِعِ وَتَشْبِيكِهَا لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ تُفَقِّعْ أَصَابِعَكَ وَأَنْتَ تُصَلِّي (5) . وَلِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: إِذَا تَوَضَّأَ
__________
(1) حديث عائشة: " أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في خميصة لها أعلام. . . . ". أخرجه البخاري (الفتح 1 / 482 - ط. السلفية) ، ومسلم (1 / 391 - ط. الحلبي) .
(2) مغني المحتاج 1 / 201، كشاف القناع 1 / 370.
(3) حديث: " نهى أن يصلي الرجل متخصرًا ". أخرجه البخاري (الفتح 3 / 88 - ط السلفية) ، ومسلم (1 / 387 - ط. الحلبي) .
(4) حاشية ابن عابدين 1 / 432، حاشية الدسوقي 1 / 254، مغني المحتاج 1 / 202، كشاف القناع 1 / 372.
(5) حديث: " لا تُفَقِّع أصابعك وأنت تصلي ". أخرجه ابن ماجه (1 / 310 - ط. الحلبي) ، من حديث علي بن أبي طالب. وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (1 / 190 - ط. دار الجنان) : هذا إسناد فيه الحارث بن عبد الله الأعور، وهو ضعيف. وقد اتهمه بعضهم.

الصفحة 106