كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 27)
أَحَدُكُمْ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ كَانَ فِي صَلاَةٍ حَتَّى يَرْجِعَ فَلاَ يَقُل هَكَذَا، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ (1) .
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْكَرَاهَةُ تَحْرِيمِيَّةً لِلنَّهْيِ الْمَذْكُورِ (2) .
92 - وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ - أَيْضًا - عَلَى كَرَاهَةِ الْعَبَثِ بِاللِّحْيَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ جَسَدِهِ؛ لِمَا رُوِيَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلاً يَعْبَثُ فِي الصَّلاَةِ، فَقَال: لَوْ خَشَعَ قَلْبُ هَذَا لَخَشَعَتْ جَوَارِحُهُ (3) .
وَاسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ لِحَاجَةٍ: كَحَكِّ بَدَنِهِ لِشَيْءٍ أَكَلَهُ وَأَضَرَّهُ، وَسَلْتِ عِرْقٍ يُؤْذِيهِ وَيَشْغَل قَلْبَهُ، وَهَذَا إِذَا كَانَ الْعَمَل يَسِيرًا.
93 - وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ لَوْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ أَوْ
__________
(1) حديث أبي هريرة: " إذا توضأ في بيته ثم أتى المسجد ". أخرجه الحاكم (1 / 206 - ط. دائرة المعارف العثمانية) وصححه ووافقه الذهبي.
(2) حاشية ابن عابدين 1 / 431، حاشية الدسوقي 1 / 254، مغني المحتاج 1 / 202، كشاف القناع 1 / 372.
(3) حديث: " لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه ". عزاه السيوطي في الجامع (فيض القدير 5 / 319 - ط. المكتبة التجارية) إلى الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ونقل المناوي عن العراقي أن في إسناده راويًا اتفق على تضعيفه.
طَرَفُ عِمَامَتِهِ كُرِهَ لَهُ تَسْوِيَتُهُ إِلاَّ لِضَرُورَةٍ (1) .
94 - وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِكَرَاهَةِ تَقْلِيبِ الْحَصَى وَمَسِّهِ، لِحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرْفُوعًا: إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تُوَاجِهُهُ فَلاَ يَمْسَحِ الْحَصَى (2) كَمَا يُكْرَهُ مَسْحُ الْحَصَى وَنَحْوِهِ حَيْثُ يَسْجُدُ؛ لِحَدِيثِ مُعَيْقِيبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال فِي الرَّجُل يُسَوِّي التُّرَابَ حَيْثُ يَسْجُدُ: إِنْ كُنْتَ فَاعِلاً فَوَاحِدَةً (3) .
وَقَيَّدَ الْحَنَابِلَةُ الْكَرَاهَةَ بِعَدَمِ الْعُذْرِ.
وَرَخَّصَ الْحَنَفِيَّةُ تَسْوِيَةَ الْحَصَى مَرَّةً لِلسُّجُودِ التَّامِّ، بِأَنْ كَانَ لاَ يُمْكِنُهُ تَمْكِينُ جَبْهَتِهِ عَلَى وَجْهِ السُّنَّةِ إِلاَّ بِذَلِكَ.
قَالُوا: وَتَرْكُهَا أَوْلَى. وَصَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لاَ يُمْكِنُهُ وَضْعُ الْقَدْرِ الْوَاجِبِ مِنَ الْجَبْهَةِ إِلاَّ بِهِ تَعَيَّنَ وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ.
وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى كَرَاهَةِ وَضْعِ الْيَدِ عَلَى الْفَمِ فِي الصَّلاَةِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ؛ لِثُبُوتِ النَّهْيِ
__________
(1) حاشية ابن عابدين 1 / 430، حاشية الدسوقي 1 / 255، مغني المحتاج 1 / 181، كشاف القناع 1 / 372.
(2) حديث: " إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الرحمة تواجهه. . . . ". أخرجه ابن ماجه (1 / 328 - ط. الحلبي) ، والحميدي (1 / 71 - ط. عالمي برس) وعند الحميدي ذكر لجهالة الراوي عن أبي ذر.
(3) حديث معيقيب: " إن كنت فاعلا فواحدة ". أخرجه البخاري (الفتح 3 / 79 - ط. السلفية) ، ومسلم (1 / 387 - ط الحلبي) .
الصفحة 107