كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 27)

عَنْهُ؛ وَلِمُنَافَاتِهِ لِهَيْئَةِ الْخُشُوعِ (1) .

95 - وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِكَرَاهَةِ عَدِّ الآْيِ وَالسُّوَرِ، وَالتَّسْبِيحِ بِأَصَابِعِ الْيَدِ أَوْ بِسُبْحَةٍ يُمْسِكُهَا فِي الصَّلاَةِ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَتْ نَفْلاً. قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَهَذَا بِاتِّفَاقِ أَصْحَابِنَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَعَنِ الصَّاحِبَيْنِ فِي غَيْرِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْهُمَا أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَقِيل: الْخِلاَفُ فِي الْفَرَائِضِ وَلاَ كَرَاهَةَ فِي النَّوَافِل اتِّفَاقًا. وَقِيل: فِي النَّوَافِل وَلاَ خِلاَفَ فِي الْكَرَاهَةِ فِي الْفَرَائِضِ. وَالْكَرَاهَةُ عِنْدَهُمْ تَنْزِيهِيَّةٌ وَعَلَّلُوهَا بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَفْعَال الصَّلاَةِ (2) .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى جَوَازِ عَدِّ الآْيِ وَالتَّسْبِيحِ بِأَصَابِعِهِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ؛ لِمَا رَوَى أَنَسٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَال: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْقِدُ الآْيَ بِأَصَابِعِهِ (3) . وَعَدُّ التَّسْبِيحِ فِي مَعْنَى عَدِّ الآْيِ.
قَال الْبُهُوتِيُّ: وَتَوَقَّفَ أَحْمَدُ فِي عَدِّ التَّسْبِيحِ لأَِنَّهُ يَتَوَالَى لِقِصَرِهِ، فَيَتَوَالَى حِسَابُهُ فَيَكْثُرُ الْعَمَل بِخِلاَفِ عَدِّ الآْيِ (4) .
__________
(1) حاشية ابن عابدين 1 / 431، مغني المحتاج 1 / 201، كشاف القناع 1 / 372، 373.
(2) حاشية ابن عابدين 1 / 437.
(3) حديث أنس: " رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يعقد الآي بأصابعه ". أورده البهوتي في كشاف القناع (1 / 376 - ط. عالم الكتب) وعزاه إلى محمد بن خلف.
(4) كشاف القناع 1 / 376.
96 - وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِكَرَاهَةِ تَرَوُّحِهِ - جَلْبُ نَسِيمِ الرِّيحِ - بِمِرْوَحَةٍ وَنَحْوِهَا، لأَِنَّهُ مِنَ الْعَبَثِ. قَال الْحَنَابِلَةُ: إِلاَّ لِحَاجَةٍ كَغَمٍّ شَدِيدٍ فَلاَ يُكْرَهُ مَا لَمْ يُكْثِرْ مِنَ التَّرَوُّحِ، فَيُبْطِل الصَّلاَةَ إِنْ تَوَالَى.
وَفِي الْهِنْدِيَّةِ عَنِ التَّتَارْخَانِيَّةِ يُكْرَهُ أَنْ يَذُبَّ بِيَدِهِ الذُّبَابَ أَوِ الْبَعُوضَ إِلاَّ عِنْدَ الْحَاجَةِ بِعَمَلٍ قَلِيلٍ (1) .

97 - وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِكَرَاهَةِ الْقِيَامِ عَلَى رِجْلٍ وَاحِدَةٍ، لأَِنَّهُ تَكَلُّفٌ يُنَافِي الْخُشُوعَ، إِلاَّ إِنْ كَانَ لِعُذْرٍ كَوَجَعِ الأُْخْرَى فَلاَ كَرَاهَةَ.
كَمَا نَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى كَرَاهَةِ رَفْعِ الرِّجْل عَنِ الأَْرْضِ إِلاَّ لِضَرُورَةٍ كَطُول الْقِيَامِ، كَمَا يُكْرَهُ عِنْدَهُمْ وَضْعُ قَدَمٍ عَلَى أُخْرَى لأَِنَّهُ مِنَ الْعَبَثِ، وَيُكْرَهُ أَيْضًا إِقْرَانُهُمَا. وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى كَرَاهَةِ كَثْرَةِ الْمُرَاوَحَةِ بَيْنَ الْقَدَمَيْنِ؛ لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ فِي صَلاَتِهِ فَلْيُسْكِنْ أَطْرَافَهُ، وَلاَ يَتَمَيَّل كَمَا يَتَمَيَّل الْيَهُودُ (2) . قَال فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى: وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا لَمْ يَطُل قِيَامُهُ، أَمَّا قِلَّةُ الْمُرَاوَحَةِ فَتُسْتَحَبُّ عِنْدَهُمْ
__________
(1) الطحطاوي على مراقي الفلاح 194، مغني المحتاج 1 / 202، كشاف القناع 1 / 372.
(2) حديث: " إذا قام أحدكم لصلاته فليسكن أطرافه ". أخرجه ابن عدي في الكامل في الضعفاء (2 / 620 - ط. دار الفكر) في ترجمته راو وذكر جمعًا من العلماء قد ضعفوه.

الصفحة 108