كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 27)
بِالاِبْتِدَاءِ، بَل تُكْرَهُ صَلاَةُ الْحَاقِنِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ كَانَ قَبْل شُرُوعِهِ أَوْ بَعْدَهُ. قَالُوا: فَإِنْ شَغَلَهُ قَطَعَهَا إِنْ لَمْ يَخَفْ فَوْتَ الْوَقْتِ، وَإِنْ أَتَمَّهَا أَثِمَ، لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ يَحِل لِرَجُلٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ أَنْ يُصَلِّيَ وَهُوَ حَقْنٌ حَتَّى يَتَخَفَّفَ (1) .
وَيَقْطَعُهَا - أَيْضًا - وَلَوْ خَشِيَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ، وَلاَ يَجِدُ جَمَاعَةً أُخْرَى؛ لأَِنَّ تَرْكَ سُنَّةِ الْجَمَاعَةِ أَوْلَى مِنَ الإِْتْيَانِ بِالْكَرَاهَةِ. وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ: بِأَنَّهُ إِذَا وَصَل الْحَقْنُ إِلَى حَدٍّ لاَ يَقْدِرُ مَعَهُ الإِْتْيَانُ بِالْفَرْضِ أَصْلاً، أَوْ يَأْتِي بِهِ مَعَهُ لَكِنْ بِمَشَقَّةٍ، فَإِنَّهُ يُبْطِل الصَّلاَةَ.
قَال الْعَدَوِيُّ: أَوْ أَتَى بِهِ عَلَى حَالَةٍ غَيْرِ مَرْضِيَّةٍ، بِأَنْ يَضُمَّ وِرْكَيْهِ أَوْ فَخِذَيْهِ، وَمَحَل الْبُطْلاَنِ إِذَا دَامَ ذَلِكَ الْحَقْنُ، وَأَمَّا إِنْ حَصَل ثُمَّ زَال فَلاَ إِعَادَةَ (2) .
(ر: حَاقِنٌ) .
101 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ - إِلَى كَرَاهَةِ السُّجُودِ عَلَى كَوْرِ الْعِمَامَةِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ. وَقَيَّدُوا
__________
(1) حديث: " لا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يصلي وهو حقن حتى يتخفف ". أخرجه أبو داود (1 / 70 - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث أبي هريرة، وقال الزيلعي: فيه رجل فيه جهالة كذا في نصب الراية (2 / 102 - ط. المجلس العلمي) .
(2) حاشية ابن عابدين 1 / 431، حاشية الدسوقي 1 / 288، الخرشي على خليل 1 / 329، مغني المحتاج 1 / 202، كشاف القناع 1 / 371.
الْكَرَاهَةَ بِمَا إِذَا كَانَ السُّجُودُ عَلَى كَوْرِ الْعِمَامَةِ بِدُونِ عُذْرٍ مِنْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ مَرَضٍ. قَال الْبُهُوتِيُّ: لِيَخْرُجَ مِنَ الْخِلاَفِ وَيَأْتِي بِالْعَزِيمَةِ. وَدَلِيل ذَلِكَ مَا رَوَى أَنَسٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَال: كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ، فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدُنَا أَنْ يُمَكِّنَ جَبْهَتَهُ مِنَ الأَْرْضِ بَسَطَ ثَوْبَهُ فَسَجَدَ عَلَيْهِ (1) .
وَالْكَرَاهَةُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ تَنْزِيهِيَّةٌ، وَشَرَطَ الْحَنَفِيَّةُ لِصِحَّةِ السُّجُودِ عَلَى الْمُكَوَّرِ كَوْنَ الْكَوْرِ الَّذِي يَسْجُدُ عَلَيْهِ عَلَى الْجَبْهَةِ أَوْ بَعْضِهَا، أَمَّا إِذَا كَانَ عَلَى الرَّأْسِ - فَقَطْ - وَسَجَدَ عَلَيْهِ وَلَمْ تُصِبْ جَبْهَتُهُ الأَْرْضَ فَإِنَّهُ لاَ يَصِحُّ سُجُودُهُ؛ لِعَدَمِ السُّجُودِ عَلَى مَحَلِّهِ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِذَا كَانَ كَوْرُ الْعِمَامَةِ فَوْقَ الْجَبْهَةِ وَمَنَعَتْ لُصُوقَ الْجَبْهَةِ بِالأَْرْضِ فَبَاطِلَةٌ، وَإِنْ كَانَ الْكَوْرُ أَكْثَرَ مِنَ الطَّاقَتَيْنِ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ.
وَأَلْحَقَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِكَوْرِ الْعِمَامَةِ كُل مَا اتَّصَل بِالْمُصَلِّي مِنْ غَيْرِ أَعْضَاءِ السُّجُودِ كَطَرَفِ كُمِّهِ وَمَلْبُوسِهِ.
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يَجُوزُ السُّجُودُ عَلَى كُمِّهِ وَفَاضِل ثَوْبِهِ لَوْ كَانَ الْمَكَانُ الْمَبْسُوطُ عَلَيْهِ ذَلِكَ
__________
(1) حديث أنس: " كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم في شدة الحر ". أخرجه البخاري (الفتح 1 / 492 - ط. السلفية) ، ومسلم (1 / 433 - ط. الحلبي) .
الصفحة 111