كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 27)

طَاهِرًا، وَإِلاَّ لاَ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِنْ حَال دُونَ الْجَبْهَةِ حَائِلٌ مُتَّصِلٌ بِهِ كَكَوْرِ عِمَامَتِهِ، أَوْ طَرَفِ كُمِّهِ، وَهُمَا يَتَحَرَّكَانِ بِحَرَكَتِهِ فِي الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ، أَوْ غَيْرِهِمَا لَمْ تَصِحَّ صَلاَتُهُ بِلاَ خِلاَفٍ عِنْدَهُمْ؛ لِمَا رَوَى خَبَّابُ بْنُ الأَْرَتِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَال: شَكَوْنَا إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّ الرَّمْضَاءِ فِي جِبَاهِنَا وَأَكُفِّنَا فَلَمْ يُشْكِنَا، وَفِي رِوَايَةٍ قَال: فَمَا أَشْكَانَا، وَقَال: إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ فَصَلُّوا (1) . وَإِنْ سَجَدَ عَلَى ذَيْلِهِ أَوْ كُمِّهِ أَوْ طَرَفِ عِمَامَتِهِ، وَهُوَ طَوِيلٌ لاَ يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ فَوَجْهَانِ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ تَصِحُّ صَلاَتُهُ؛ لأَِنَّ هَذَا الطَّرَفَ فِي مَعْنَى الْمُنْفَصِل، وَالثَّانِي: لاَ تَصِحُّ بِهِ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَى ذَلِكَ الطَّرَفِ نَجَاسَةٌ، فَإِنَّهُ لاَ تَصِحُّ صَلاَتُهُ وَإِنْ كَانَ لاَ يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ، ثُمَّ إِنَّهُ إِنْ سَجَدَ عَلَى كَوْرِ عِمَامَتِهِ أَوْ كُمِّهِ وَنَحْوِهِمَا مُتَعَمِّدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ، وَإِنْ كَانَ سَاهِيًا لَمْ تَبْطُل، لَكِنْ يَجِبُ إِعَادَةُ السُّجُودِ (2) .
__________
(1) حديث خباب بن الأرت: " شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء. . . . ". أخرجه مسلم (1 / 433 - ط. الحلبي) ، والبيهقي (1 / 438 - 439 ط. دائرة المعارف العثمانية) ، والرواية الثانية للبيهقي.
(2) حاشية ابن عابدين (1 / 336) ، حاشية الدسوقي 1 / 253، المجموع 3 / 423، كشاف القناع 1 / 352.
وَهُنَاكَ مَكْرُوهَاتٌ كَثِيرَةٌ لِلسُّجُودِ تُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (سُجُود) .

102 - وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْمُصَلِّي أَنْ يُصَلِّيَ مُسْتَقْبِلاً لِرَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ. قَال الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ: كَرِهَ عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنْ يَسْتَقْبِل الرَّجُل وَهُوَ يُصَلِّي. وَحَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، وَرَوَى الْبَزَّارُ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلاً يُصَلِّي إِلَى رَجُلٍ فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الصَّلاَةَ (1) .
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَرَاهَةٌ تَحْرِيمِيَّةٌ، وَيَكُونُ الأَْمْرُ بِالإِْعَادَةِ لإِِزَالَةِ الْكَرَاهَةِ، لأَِنَّهُ الْحُكْمُ فِي كُل صَلاَةٍ أُدِّيَتْ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَلَيْسَ لِلْفَسَادِ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ قَال: إِنْ كَانَ جَاهِلاً عَلَّمْتُهُ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا أَدَّبْتُهُ.
كَمَا صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِكَرَاهَةِ الصَّلاَةِ إِلَى مُتَحَدِّثٍ؛ لأَِنَّهُ يَشْغَلُهُ عَنْ حُضُورِ قَلْبِهِ فِي الصَّلاَةِ، لَكِنِ الْحَنَفِيَّةُ قَيَّدُوا الْكَرَاهَةَ بِمَا إِذَا خِيفَ الْغَلَطُ بِحَدِيثِهِ.
وَزَادَ الْحَنَابِلَةُ: النَّائِمَ، فَتُكْرَهُ الصَّلاَةُ إِلَيْهِ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا
__________
(1) حديث علي: " أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي إلى رجل. . . . ". أخرجه البزار (كشف الأستار 1 / 281 - ط. الرسالة) ، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (2 / 62 - ط. القدسي) وقال: " فيه عبد الأعلى الثعلبي، وهو ضعيف ".

الصفحة 112