كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 27)

الْحَمَّامِ وَفِي مَعَاطِنِ الإِْبِل وَفَوْقَ ظَهْرِ بَيْتِ اللَّهِ (1) .
قَال الْخَطِيبُ الشِّرْبِينِيُّ: قَارِعَةُ الطَّرِيقِ هِيَ أَعْلاَهُ، وَقِيل: صَدْرُهُ، وَقِيل: مَا بَرَزَ مِنْهُ، وَالْكُل مُتَقَارِبٌ، وَالْمُرَادُ هُنَا نَفْسُ الطَّرِيقِ، وَالْعِلَّةُ فِي النَّهْيِ عَنِ الصَّلاَةِ فِي قَارِعَةِ الطَّرِيقِ هِيَ لِشَغْلِهِ حَقَّ الْعَامَّةِ، وَمَنْعِهِمْ مِنَ الْمُرُورِ؛ وَلِشَغْل الْبَال عَنِ الْخُشُوعِ فَيَشْتَغِل بِالْخَلْقِ عَنِ الْحَقِّ.
قَال الْخَطِيبُ الشِّرْبِينِيُّ: الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي الْبُنْيَانِ دُونَ الْبَرِّيَّةِ.
وَتُكْرَهُ الصَّلاَةُ - أَيْضًا - فِي مَعَاطِنِ الإِْبِل وَلَوْ طَاهِرَةً. لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَلُّوا فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ وَلاَ تُصَلُّوا فِي أَعْطَانِ الإِْبِل (2) . وَالْمُرَادُ بِالْمَعَاطِنِ - هُنَا - مَبَارِكُهَا مُطْلَقًا. قَال الْخَطِيبُ الشِّرْبِينِيُّ: وَلاَ تَخْتَصُّ الْكَرَاهَةُ بِالْعَطَنِ، بَل مَأْوَاهَا وَمَقِيلُهَا وَمَبَارِكُهَا، بَل مَوَاضِعُهَا كُلُّهَا كَذَلِكَ. وَلاَ تُكْرَهُ الصَّلاَةُ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ، وَسُئِل النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلاَةِ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ، فَقَال: صَلُّوا فِيهَا فَإِنَّهَا
__________
(1) حديث ابن عمر: " نهى أن يصلي في سبعة مواطن ". أخرجه الترمذي (2 / 178 - ط. الحلبي) . وقال: " إسناده ليس بذاك القوي ".
(2) حديث: " صلوا في مرابض الغنم ". أخرجه الترمذي (2 / 181 - ط. الحلبي) من حديث أبي هريرة، وقال: " حديث حسن صحيح ".
خُلِقَتْ بَرَكَةً (1) . وَأَلْحَقُوا مَرَابِضَ الْبَقَرِ بِمَرَابِضِ الْغَنَمِ فَلاَ تُكْرَهُ الصَّلاَةُ فِيهَا، قَال الْخَطِيبُ الشِّرْبِينِيُّ: وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَمَاكِنَ الْمَوَاشِي مُطْلَقًا إِنْ تَنَجَّسَتْ لَمْ تَصِحَّ الصَّلاَةُ فِيهَا بِلاَ حَائِلٍ، وَتَصِحُّ بِالْحَائِل مَعَ الْكَرَاهَةِ.
وَوَافَقَ الْمَالِكِيَّةُ الْحَنَفِيَّةَ وَالشَّافِعِيَّةَ فِي حُكْمِ الصَّلاَةِ فِي الْكَنِيسَةِ وَمَعْطِنِ الإِْبِل، فَكَرِهُوا الصَّلاَةَ فِيهِمَا. وَأَلْحَقُوا بِالْكَنِيسَةِ كُل مُتَعَبَّدٍ لِلْكُفَّارِ كَالْبِيعَةِ وَبَيْتِ النَّارِ، وَخَصُّوا كَرَاهَةَ الصَّلاَةِ فِي الْكَنِيسَةِ بِمَا إِذَا دَخَلَهَا مُخْتَارًا سَوَاءٌ كَانَتْ عَامِرَةً أَمْ دَارِسَةً، أَمَّا إِنْ دَخَلَهَا مُضْطَرًّا فَلاَ كَرَاهَةَ، عَامِرَةً كَانَتْ أَمْ دَارِسَةً. وَقَالُوا بِإِعَادَةِ الصَّلاَةِ فِي الْوَقْتِ إِذَا نَزَلَهَا بِاخْتِيَارِهِ وَصَلَّى عَلَى أَرْضِهَا أَوْ عَلَى فَرْشِهَا.
وَتُكْرَهُ الصَّلاَةُ فِي مَعْطِنِ الإِْبِل وَلَوْ مَعَ أَمْنِ النَّجَاسَةِ. وَعِنْدَهُمْ فِي إِعَادَةِ الصَّلاَةِ قَوْلاَنِ: قَوْلٌ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ مُطْلَقًا عَامِدًا كَانَ أَوْ جَاهِلاً أَوْ نَاسِيًا، وَقَوْلٌ يُعِيدُ النَّاسِي فِي الْوَقْتِ، وَالْعَامِدُ وَالْجَاهِل بِالْحُكْمِ أَبَدًا نَدْبًا. وَأَجَازُوا الصَّلاَةَ بِلاَ كَرَاهَةٍ بِمَرْبِضِ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ مِنْ غَيْرِ فَرْشٍ يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَبِالْمَقْبَرَةِ بِلاَ حَائِلٍ وَلَوْ عَلَى الْقَبْرِ، وَلَوْ
__________
(1) حديث: " أنه سئل عن الصلاة في مرابض الغنم ". أخرجه أبو داود (1 / 331 - 332 - تحقيق عزت عبيد دعاس) ، من حديث البراء بن عازب، وإسناده صحيح.

الصفحة 114