كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 27)
بِالتَّكْبِيرِ أَوِ التَّسْمِيعِ، فَإِنَّهُ إِنْ قَصَدَ الرَّدَّ مَعَ الْقِرَاءَةِ أَوْ الْقِرَاءَةَ - فَقَطْ - أَوْ قَصَدَ التَّكْبِيرَ أَوِ التَّسْمِيعَ - فَقَطْ - مَعَ الإِْعْلاَمِ لَمْ تَبْطُل وَإِلاَّ بَطَلَتْ، وَإِنْ كَانَ فِي كَلاَمِ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ مَا يُوهِمُ خِلاَفَ ذَلِكَ. وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى صِحَّةِ صَلاَةِ مَنْ خَاطَبَ بِشَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ؛ لِمَا رَوَى الْخَلاَّل عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ قَال: اسْتَأْذَنَّا عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وَهُوَ يُصَلِّي فَقَال {ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمَنِينَ} فَقُلْنَا: كَيْفَ صَنَعْتَ؟ قَال: اسْتَأْذَنَّا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ يُصَلِّي فَقَال: {ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمَنِينَ} ، وَلأَِنَّهُ قُرْآنٌ فَلَمْ تَفْسُدْ بِهِ الصَّلاَةُ، كَمَا لَوْ لَمْ يَقْصِدِ التَّنْبِيهَ. وَقَال الْقَاضِي: إِذَا قَصَدَ بِالْحَمْدِ الذِّكْرَ أَوِ الْقُرْآنَ لَمْ تَبْطُل، وَإِنْ قَصَدَ خِطَابَ آدَمِيٍّ بَطَلَتْ، وَإِنْ قَصَدَهُمَا فَوَجْهَانِ، فَأَمَّا إِنْ أَتَى بِمَا لاَ يَتَمَيَّزُ بِهِ الْقُرْآنُ مِنْ غَيْرِهِ كَقَوْلِهِ لِرَجُلٍ اسْمُهُ إِبْرَاهِيمُ: يَا إِبْرَاهِيمُ وَنَحْوَهُ فَسَدَتْ صَلاَتُهُ؛ لأَِنَّ هَذَا كَلاَمُ النَّاسِ، وَلَمْ يَتَمَيَّزْ عَنْ كَلاَمِهِمْ بِمَا يَتَمَيَّزُ بِهِ الْقُرْآنُ، أَشْبَهَ مَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ كَلِمَاتٍ مُفَرَّقَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ فَقَال: يَا إِبْرَاهِيمُ خُذِ الْكِتَابَ الْكَبِيرَ.
كَمَا ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ إِلَى بُطْلاَنِ الصَّلاَةِ بِكُل مَا قُصِدَ بِهِ الْجَوَابُ مِنَ الذِّكْرِ
وَالثَّنَاءِ خِلاَفًا لأَِبِي يُوسُفَ، كَأَنْ قِيل. أَمَعَ اللَّهِ إِلَهٌ؟ فَقَال: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. أَوْ مَا مَالُكَ؟ فَقَال: الْخَيْل وَالْبِغَال وَالْحَمِيرُ، وَأَمَّا إِنْ كَانَ الْجَوَابُ بِمَا لَيْسَ بِثَنَاءٍ فَإِنَّهَا تَفْسُدُ اتِّفَاقًا، كَأَنْ قِيل: مَا مَالُكَ؟ فَقَال: الإِْبِل وَالْبَقَرُ وَالْعَبِيدُ مَثَلاً؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ بِثَنَاءٍ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أُخْبِرَ بِخَبَرِ سُوءٍ فَاسْتَرْجَعَ وَهُوَ فِي الصَّلاَةِ فَإِنَّهَا تَفْسُدُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ خِلاَفًا لأَِبِي يُوسُفَ، قَال ابْنُ عَابِدِينَ: لأَِنَّ الأَْصْل عِنْدَهُ أَنَّ مَا كَانَ ثَنَاءً أَوْ قُرْآنًا لاَ يَتَغَيَّرُ بِالنِّيَّةِ، وَعِنْدَهُمَا يَتَغَيَّرُ، وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ: أَنَّهُ لَوْ أُخْبِرَ بِخَبَرٍ يَسُرُّهُ فَقَال: الْحَمْدُ لِلَّهِ فَهُوَ عَلَى الْخِلاَفِ، وَصَرَّحُوا بِأَنَّ تَشْمِيتَ الْعَاطِسِ فِي الصَّلاَةِ لِغَيْرِهِ يُفْسِدُ الصَّلاَةَ. فَلَوْ عَطَسَ شَخْصٌ فَقَال لَهُ الْمُصَلِّي: يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَسَدَتْ صَلاَتُهُ، لأَِنَّهُ يَجْرِي فِي مُخَاطَبَاتِ النَّاسِ فَكَانَ مِنْ كَلاَمِهِمْ، بِخِلاَفِ مَا إِذَا قَال الْعَاطِسُ أَوِ السَّامِعُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ فَإِنَّهُ لاَ تَفْسُدُ صَلاَتُهُ، لأَِنَّهُ لَمْ يُتَعَارَفْ جَوَابًا إِلاَّ إِذَا أَرَادَ التَّعْلِيمَ فَإِنَّ صَلاَتَهُ تَفْسُدُ، وَأَمَّا إِذَا عَطَسَ فَشَمَّتَ نَفْسَهُ فَقَال: يَرْحَمُكِ اللَّهُ يَا نَفْسِي لاَ تَفْسُدُ صَلاَتُهُ، لأَِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ خِطَابًا لِغَيْرِهِ لَمْ يُعْتَبَرْ مِنْ كَلاَمِ النَّاسِ كَمَا إِذَا قَال: يَرْحَمُنِي اللَّهُ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ تَبْطُل
الصفحة 120