كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 27)
حُرُوفٌ، لِمَا رَوَى جَابِرٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: الْقَهْقَهَةُ تَنْقُضُ الصَّلاَةَ وَلاَ تَنْقُضُ الْوُضُوءَ (1) وَلأَِنَّهُ تَعَمَّدَ فِيهَا مَا يُنَافِيهَا، أَشْبَهَ خِطَابَ الآْدَمِيِّ.
قَال الْمَالِكِيَّةُ: وَسَوَاءٌ قَلَّتْ أَمْ كَثُرَتْ، وَسَوَاءٌ وَقَعَتْ عَمْدًا أَمْ نِسْيَانًا - لِكَوْنِهِ فِي الصَّلاَةِ - أَوْ غَلَبَةً، كَأَنْ يَتَعَمَّدَ النَّظَرَ فِي صَلاَتِهِ أَوْ الاِسْتِمَاعَ لِمَا يُضْحِكُ فَيَغْلِبُهُ الضَّحِكُ فِيهَا.
قَال الْحَنَفِيَّةُ: وَالْقَهْقَهَةُ اصْطِلاَحًا:
مَا يَكُونُ مَسْمُوعًا لَهُ وَلِجِيرَانِهِ بَدَتْ أَسْنَانُهُ أَوْ لاَ، وَإِنْ عَرِيَ عَنْ ظُهُورِ الْقَافِ وَالْهَاءِ أَوْ أَحَدِهِمَا، كَمَا صَرَّحُوا بِبُطْلاَنِ الصَّلاَةِ بِالضَّحِكِ دُونَ قَهْقَهَةٍ، وَهُوَ مَا كَانَ مَسْمُوعًا لَهُ فَقَطْ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِنْ ظَهَرَ بِالضَّحِكِ حَرْفَانِ بَطَلَتِ الصَّلاَةُ وَإِلاَّ فَلاَ (2) ، وَأَمَّا التَّبَسُّمُ فَلاَ تَبْطُل الصَّلاَةُ بِهِ لأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبَسَّمَ فِيهَا فَلَمَّا سَلَّمَ
__________
(1) حديث جابر: " القهقهة تنقض الصلاة ". أورده الدارقطني (1 / 172 - شركة الطباعة) بلفظ مقارب، وصوب وقفه على جابر بن عبد الله.
(2) حاشية ابن عابدين 1 / 97، حاشية الدسوقي 1 / 286، مغني المحتاج 1 / 195، مطالب أولي النهى 1 / 520، 538.
قَال: مَرَّ بِي مِيكَائِيل فَضَحِكَ لِي فَتَبَسَّمْتُ لَهُ (1) .
هـ - الأَْكْل وَالشُّرْبُ:
113 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى بُطْلاَنِ الصَّلاَةِ بِالأَْكْل وَالشُّرْبِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ. قَال الْحَنَفِيَّةُ: وَلَوْ سِمْسِمَةً نَاسِيًا. وَاسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ بَيْنَ أَسْنَانِهِ وَكَانَ دُونَ الْحِمَّصَةِ فَإِنَّهُ لاَ تَفْسُدُ بِهِ الصَّلاَةُ إِذَا ابْتَلَعَهُ، وَصَرَّحُوا بِفَسَادِ الصَّلاَةِ بِالْمَضْغِ إِنْ كَثُرَ، وَتَقْدِيرُهُ بِالثَّلاَثِ الْمُتَوَالِيَاتِ. وَكَذَا تَفْسُدُ بِالسُّكَّرِ إِذَا كَانَ فِي فِيهِ يَبْتَلِعُ ذَوْبَهُ.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: إِنَّ الْمُفْسِدَ: إِمَّا الْمَضْغُ، أَوْ وُصُول عَيْنِ الْمَأْكُول إِلَى الْجَوْفِ بِخِلاَفِ الطَّعْمِ. قَال فِي الْبَحْرِ عَنِ الْخُلاَصَةِ: وَلَوْ أَكَل شَيْئًا مِنَ الْحَلاَوَةِ وَابْتَلَعَ عَيْنَهَا فَدَخَل فِي الصَّلاَةِ فَوَجَدَ حَلاَوَتَهَا فِي فِيهِ وَابْتَلَعَهَا لاَ تَفْسُدُ صَلاَتُهُ، وَلَوْ أَدْخَل الْفَايْنَذَ أَوِ السُّكَّرَ فِي فِيهِ، وَلَمْ يَمْضُغْهُ، لَكِنْ يُصَلِّي وَالْحَلاَوَةُ تَصِل إِلَى جَوْفِهِ تَفْسُدُ صَلاَتُهُ.
وَفَرَّقَ الْمَالِكِيَّةُ بَيْنَ عَمْدِ الأَْكْل وَالشُّرْبِ
__________
(1) حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم تبسم في الصلاة ". أخرجه الدارقطني (1 / 75 شركة الطباعة الفنية) من حديث جابر بن عبد الله بن دياب، وأخرجه كذلك الطبراني في المعجم الكبير مختصرًا (2 / 205 ط. وزارة الأوقاف العراقية) وأورده الهيثمي في المجمع (2 / 82 ط. القدسي) ، وقال: فيه الوازع وهو ضعيف.
الصفحة 124