كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 27)

الْفَلاَحُ؟ قَال: السَّحُورُ، ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا بَقِيَّةَ الشَّهْرِ (1) .
وَعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَال: قُمْنَا مَعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لَيْلَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِينَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْل الأَْوَّل، ثُمَّ قُمْنَا مَعَهُ لَيْلَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ إِلَى نِصْفِ اللَّيْل، ثُمَّ قُمْنَا مَعَهُ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنْ لاَ نُدْرِكَ الْفَلاَحَ وَكَانُوا يُسَمُّونَهُ السَّحُورَ (2) .
وَقَدْ وَاظَبَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَالْمُسْلِمُونَ مِنْ زَمَنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَلَى صَلاَةِ التَّرَاوِيحِ جَمَاعَةً، وَكَانَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - هُوَ الَّذِي جَمَعَ النَّاسَ فِيهَا عَلَى إِمَامٍ وَاحِدٍ.
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الْقَارِيَّ، قَال: خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ، يُصَلِّي الرَّجُل
__________
(1) حديث أبي ذر: " صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان. . ". أخرجه أبو داود (2 / 105 - ط. عزت عبيد دعاس) ، والترمذي (3 / 160 - ط. الحلبي) ، وقال: " حديث حسن صحيح ".
(2) فتح القدير 1 / 333، الإقناع للشربيني 1 / 107، نهاية المحتاج 2 / 121، المغني 2 / 166، الترغيب والترهيب 2 / 105، نيل الأوطار 3 / 5، وحديث النعمان بن بشير: " قمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان ". أخرجه النسائي (3 / 203 - ط. المكتبة التجارية) والحاكم (1 / 440 - ط. دائرة المعارف العثمانية) وحسنه الذهبي.
لِنَفْسِهِ، وَيُصَلِّي الرَّجُل فَيُصَلِّي بِصَلاَتِهِ الرَّهْطُ، فَقَال عُمَرُ: إِنِّي أَرَى لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلاَءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَل، ثُمَّ عَزَمَ فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلاَةِ قَارِئِهِمْ، فَقَال: نِعْمَتِ الْبِدْعَةُ هَذِهِ، وَاَلَّتِي يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَل مِنَ الَّتِي يَقُومُونَ. يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْل، وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ (1) .
وَرَوَى أَسَدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَال: سَأَلْتُ أَبَا حَنِيفَةَ عَنِ التَّرَاوِيحِ وَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ، فَقَال: التَّرَاوِيحُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَلَمْ يَتَخَرَّصْ (2) عُمَرُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مُبْتَدِعًا، وَلَمْ يَأْمُرْ بِهِ إِلاَّ عَنْ أَصْلٍ لَدَيْهِ وَعَهْدٍ مِنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَقَدْ سَنَّ عُمَرُ هَذَا وَجَمَعَ النَّاسَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَصَلاَّهَا جَمَاعَةً وَالصَّحَابَةُ مُتَوَافِرُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَْنْصَارِ وَمَا رَدَّ عَلَيْهِ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، بَل سَاعَدُوهُ وَوَافَقُوهُ وَأَمَرُوا بِذَلِكَ (3) .
__________
(1) أثر عمر: " نعمت البدعة هذه ". أخرجه البخاري (الفتح 4 / 250 - ط. السلفية) .
(2) من معاني الخرص: الكذب، وكل قول بالظن، يقال: تخرص عليه إذا افترى، واخترص إذا اختلق. (القاموس المحيط) .
(3) فتح القدير 1 / 333، الاختيار 1 / 68 - 69، المغني 2 / 166، المنتقى 1 / 207.

الصفحة 138