كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 27)
بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ فَكَانَ إِجْمَاعًا (1) وَالنُّصُوصُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ.
وَرَوَى مَالِكٌ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَال: أَمَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَتَمِيمًا الدَّارِيَّ أَنْ يَقُومَا لِلنَّاسِ بِإِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، قَال: وَقَدْ كَانَ الْقَارِئُ يَقْرَأُ بِالْمِئِينَ، حَتَّى كُنَّا نَعْتَمِدَ عَلَى الْعِصِيِّ مِنْ طُول الْقِيَامِ، وَمَا كُنَّا نَنْصَرِفُ إِلاَّ فِي فُرُوعِ الْفَجْرِ (2) .
وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ أَنَّهُ قَال: كَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي رَمَضَانَ بِثَلاَثٍ وَعِشْرِينَ رَكْعَةً، قَال الْبَيْهَقِيُّ وَالْبَاجِيُّ وَغَيْرُهُمَا: أَيْ بِعَشْرَيْنَ رَكْعَةً غَيْرَ الْوِتْرِ ثَلاَثَ رَكَعَاتٍ (3) ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَال: كَانُوا يَقُومُونَ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
__________
(1) كشاف القناع 1 / 425.
(2) أثر عمر بن الخطاب أنه أمر أبيَّ بن كعب وتميمًا الداري. . . . أخرجه مالك (1 / 115 - ط. الحلبي) وانظر المنتقى 1 / 208.
(3) أثر يزيد بن رومان أنه قال: كان الناس يقومون في زمان عمر. أخرجه مالك (1 / 115 - ط. الحلبي) وأورده النووي في المجموع (4 / 33) وقال: مرسل، يزيد بن رومان لم يدرك عمر، وانظر المنتقى 1 / 209، وشرح المنهاج للمحلي 1 / 217.
فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بِعِشْرِينَ رَكْعَةً (1)
قَال الْبَاجِيُّ: يُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ عُمَرُ أَمَرَهُمْ بِإِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، وَأَمَرَهُمْ مَعَ ذَلِكَ بِطُول الْقِرَاءَةِ، يَقْرَأُ الْقَارِئُ بِالْمِئِينَ فِي الرَّكْعَةِ؛ لأَِنَّ التَّطْوِيل فِي الْقِرَاءَةِ أَفْضَل الصَّلاَةِ، فَلَمَّا ضَعُفَ النَّاسُ عَنْ ذَلِكَ أَمَرَهُمْ بِثَلاَثٍ وَعِشْرِينَ رَكْعَةً عَلَى وَجْهِ التَّخْفِيفِ عَنْهُمْ مِنْ طُول الْقِيَامِ، وَاسْتَدْرَكَ بَعْضُ الْفَضِيلَةِ بِزِيَادَةِ الرَّكَعَاتِ (2) .
وَقَال الْعَدَوِيُّ: الإِْحْدَى عَشْرَةَ كَانَتْ مَبْدَأَ الأَْمْرِ، ثُمَّ انْتَقَل إِلَى الْعِشْرِينَ. وَقَال ابْنُ حَبِيبٍ: رَجَعَ عُمَرُ إِلَى ثَلاَثٍ وَعِشْرِينَ رَكْعَةً (3)
وَخَالَفَ الْكَمَال بْنُ الْهُمَامِ مَشَايِخَ الْحَنَفِيَّةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْعِشْرِينَ سُنَّةٌ فِي التَّرَاوِيحِ فَقَال: قِيَامُ رَمَضَانَ سُنَّةٌ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً بِالْوِتْرِ فِي جَمَاعَةٍ، فَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ تَرَكَهُ لِعُذْرٍ، أَفَادَ أَنَّهُ لَوْلاَ خَشْيَةَ فَرْضِهِ عَلَيْهِمْ لَوَاظَبَ بِهِمْ، وَلاَ شَكَّ فِي تَحَقُّقِ الأَْمْنِ مِنْ ذَلِكَ بِوَفَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَكُونُ سُنَّةً، وَكَوْنُهَا عِشْرِينَ سُنَّةُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ (4)
__________
(1) فتح القدير 1 / 334، والمغني 1 / 208، والمجموع 4 / 32 - 33.
(2) المنتقى 2 / 208.
(3) حاشية العدوي على كفاية الطالب 1 / 353.
(4) حديث: " عليكم بسنتي ". أخرجه أبو داود (5 / 14 - ط. عزت عبيد دعاس) ، والترمذي (5 / 44 - ط. الحلبي) من حديث العرباض بن سارية. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
الصفحة 142