كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 27)
تَصَرَّفَ مِنْهُمَا مِنْ صَرِيحِ الطَّلاَقِ لِوُرُودِهِمَا بِمَعْنَى الطَّلاَقِ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، فَقَدْ وَرَدَ لَفْظُ الْفِرَاقِ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا} (1) وَفِي قَوْلِهِ: {أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} (2) وَوَرَدَ لَفْظُ السَّرَاحِ فِي آيَاتٍ مِنْهَا قَوْله تَعَالَى: {الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (3) وقَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} (4) .
إِلاَّ أَنَّ الْجُمْهُورَ يَرَى أَنَّ لَفْظَ الْفِرَاقِ، وَلَفْظَ السَّرَاحِ لَيْسَا مِنْ صَرِيحِ الطَّلاَقِ؛ لأَِنَّهُمَا يُسْتَعْمَلاَنِ فِي غَيْرِ الطَّلاَقِ كَثِيرًا، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْل اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا. . .} (5) . وَلِذَلِكَ فَهُمَا مِنْ كِنَايَاتِ الطَّلاَقِ (6) .
__________
(1) سورة النساء / 130.
(2) سورة الطلاق / 2.
(3) سورة البقرة / 229.
(4) سورة البقرة / 231.
(5) سورة آل عمران / 103.
(6) البدائع 3 / 101 - 106 (ط. الجمالية) ، ابن العابدين 2 / 430 (ط. المصرية) . جواهر الإكليل 1 / 345 (ط. المعرفة) ، حاشية الدسوقي 2 / 378 (ط. الفكر) ، روضة الطالبين 8 / 23 - 27 (ط. المكتب الإسلامي) . الأشباه والنظائر للسيوطي / 302 (ط. الأولى) ، كشاف القناع 5 / 245 - 250 (ط. النصر) ، الإنصاف 8 / 462 - 475 (ط. التراث) ، المغني 8 / 121 - 124 (ط الرياض) .
ح - الظِّهَارُ:
19 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى: أَنَّ اللَّفْظَ الصَّرِيحَ فِي الظِّهَارِ هُوَ أَنْ يَقُول الرَّجُل لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتُهُمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ} (1) . وَلِحَدِيثِ خَوْلَةَ امْرَأَةِ أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ؛ حَيْثُ قَال لَهَا زَوْجُهَا أَوْسٌ: " أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي " (2) وَكَذَا قَوْلُهُ: أَنْتِ عِنْدِي أَوْ مَعِي أَوْ مِنِّي كَظَهْرِ أُمِّي. وَكَذَلِكَ لَوْ قَال لِزَوْجَتِهِ: جِسْمُكِ أَوْ بَدَنُكِ أَوْ جُمْلَتُكِ أَوْ نَفْسُكِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي.
وَمِثْل ذَلِكَ: مَا لَوْ شَبَّهَ زَوْجَتَهُ بِظَهْرِ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنَ النِّسَاءِ حُرْمَةً مُؤَبَّدَةً، كَالْجَدَّةِ وَالْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ وَالأُْخْتِ وَابْنَتِهَا وَبِنْتِ الأَْخِ فَإِنَّهُ يَكُونُ - أَيْضًا - صَرِيحًا فِي الظِّهَارِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ وَأَحَدُ قَوْلَيِ الْقَدِيمِ، وَالْقَوْل الثَّانِي فِي الْقَدِيمِ: أَنَّهُ لاَ يَكُونُ ظِهَارًا لِلْعُدُول عَنِ الْمَعْهُودِ، إِذِ اللَّفْظُ الَّذِي وَرَدَ بِهِ الْقُرْآنُ مُخْتَصٌّ
__________
(1) سورة المجادلة / 2.
(2) حديث خولة. امرأة أوس بن الصامت. أخرجه أحمد (6 / 410 - ط. الميمنية) . والبيهقي (7 / 389 - ط دائرة المعارف العثمانية) وفي إسناده مقال. ولكن ذكر البيهقي له طريقا آخر مرسلا ثم قال: وهو شاهد للموصول قبله.
الصفحة 15
406