كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 27)

وَحَدِيثُ الْمُسِيءِ صَلاَتَهُ، وَهُوَ مَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَل الْمَسْجِدَ فَدَخَل رَجُلٌ فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ السَّلاَم ثُمَّ قَال: ارْجِعْ فَصَل، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَل. فَعَل ذَلِكَ ثَلاَثًا.
ثُمَّ قَال: وَاَلَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ فَمَا أُحْسِنُ غَيْرَهُ، فَعَلِّمْنِي. فَقَال: إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ. ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِل قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ افْعَل ذَلِكَ فِي صَلاَتِكَ كُلِّهَا (1) . فَدَل عَلَى أَنَّ الأَْفْعَال الْمُسَمَّاةَ فِي الْحَدِيثِ لاَ تَسْقُطُ بِحَالٍ، فَإِنَّهَا لَوْ سَقَطَتْ لَسَقَطَتْ عَنِ الأَْعْرَابِيِّ لِجَهْلِهِ بِهَا (2)
وَتَفْصِيل مَبَاحِثِ الرُّكُوعِ فِي مُصْطَلَحِ: (رُكُوعٌ) .

و الاِعْتِدَال:
21 - هُوَ الْقِيَامُ مَعَ الطُّمَأْنِينَةِ بَعْدَ الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ، وَهُوَ رُكْنٌ فِي الْفَرْضِ وَالنَّافِلَةِ؛
__________
(1) حديث أبي هريرة: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد، فدخل رجل فصلي. . ". أخرجه البخاري (الفتح 2 / 277 - ط السلفية) ومسلم. 1 / 298 - ط. الحلبي) .
(2) حاشية الدسوقي 1 / 239، مغني المحتاج 1 / 163، كشاف القناع 1 / 386.
لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُسِيءِ صَلاَتَهُ ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِل قَائِمًا، وَلأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَاوَمَ عَلَيْهِ. لِقَوْل أَبِي حُمَيْدٍ فِي صِفَةِ صَلاَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ اسْتَوَى حَتَّى يَعُودَ كُل فَقَارٍ مَكَانَهُ (1) وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي.
وَيَدْخُل فِي رُكْنِ الاِعْتِدَال الرَّفْعُ مِنْهُ لاِسْتِلْزَامِهِ لَهُ، وَفَرَّقَ الْمَالِكِيَّةُ وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ بَيْنَهُمَا فَعَدُّوا كُلًّا مِنْهُمَا رُكْنًا. قَال الْمَالِكِيَّةُ: وَتَبْطُل الصَّلاَةُ بِتَعَمُّدِ تَرْكِ الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ، وَأَمَّا إِنْ تَرَكَهُ سَهْوًا فَيَرْجِعُ مُحْدَوْدِبًا حَتَّى يَصِل لِحَالَةِ الرُّكُوعِ ثُمَّ يَرْفَعُ، وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلاَمِ إِلاَّ الْمَأْمُومَ فَلاَ يَسْجُدُ لِحَمْل الإِْمَامِ لِسَهْوِهِ، فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ مُحْدَوْدِبًا وَرَجَعَ قَائِمًا لَمْ تَبْطُل صَلاَتُهُ مُرَاعَاةً لِقَوْل ابْنِ حَبِيبٍ: إِنَّ تَارِكَ الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ سَهْوًا يَرْجِعُ قَائِمًا لاَ مُحْدَوْدِبًا كَتَارِكِ الرُّكُوعِ.
ثُمَّ إِنَّ أَكْثَرَ الْمَالِكِيَّةِ عَلَى نَفْيِ رُكْنِيَّةِ الاِعْتِدَال، وَأَنَّهُ سُنَّةٌ. قَالُوا: فَيَسْجُدُ لِتَرْكِهِ سَهْوًا، وَتَبْطُل الصَّلاَةُ بِتَرْكِهِ عَمْدًا قَطْعًا؛ لأَِنَّهُ سُنَّةٌ شُهِرَتْ فَرْضِيَّتُهَا.
قَال الدُّسُوقِيُّ: قَال شَيْخُنَا أَبُو الْحَسَنِ الْعَدَوِيُّ - هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ
__________
(1) حديث أبي حميد الساعدي: " فإذا رفع رأسه استوى. . ". أخرجه البخاري (الفتح 2 / 30 5 - ط السلفية) .

الصفحة 65