كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 27)
كَلاَمِ الْحَطَّابِ، وَحَدُّ الاِعْتِدَال عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: أَنْ لاَ يَكُونَ مُنْحَنِيًا، وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: مَا لَمْ يَصِرْ رَاكِعًا، قَالُوا: وَالْكَمَال مِنْهُ الاِسْتِقَامَةُ حَتَّى يَعُودَ كُل عُضْوٍ إِلَى مَحَلِّهِ، وَعَلَى هَذَا فَلاَ يَضُرُّ بَقَاؤُهُ مُنْحَنِيًا يَسِيرًا حَال اعْتِدَالِهِ وَاطْمِئْنَانِهِ؛ لأَِنَّ هَذِهِ الْهَيْئَةَ لاَ تُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ قَائِمًا، وَسَبَقَ حَدُّهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِي رُكْنِ الْقِيَامِ. وَقَدْ صَرَّحَ الْفُقَهَاءُ بِأَنَّهُ لاَ بُدَّ مِنَ الطُّمَأْنِينَةِ فِي الاِعْتِدَال.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: الطُّمَأْنِينَةُ فِي الاِعْتِدَال: أَنْ تَسْتَقِرَّ أَعْضَاؤُهُ عَلَى مَا كَانَ قَبْل رُكُوعِهِ، بِحَيْثُ يَنْفَصِل ارْتِفَاعُهُ عَنْ عَوْدِهِ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ.
وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ لاَ يَقْصِدَ غَيْرَ الاِعْتِدَال، فَلَوْ رَفَعَ فَزِعًا مِنْ شَيْءٍ كَحَيَّةٍ لَمْ يُحْسَبْ رَفْعُهُ اعْتِدَالاً لِوُجُودِ الصَّارِفِ، فَالْوَاجِبُ أَنْ لاَ يَقْصِدَ بِرَفْعِهِ شَيْئًا آخَرَ (1) .
ز - السُّجُودُ:
22 - مِنْ أَرْكَانِ الصَّلاَةِ السُّجُودُ فِي كُل رَكْعَةٍ مَرَّتَيْنِ. وَقَدِ انْعَقَدَ الإِْجْمَاعُ عَلَى ذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا (2) } وَلِحَدِيثِ
__________
(1) حاشية الدسوقي 1 / 241، مغني المحتاج 1 / 165، شرح روض الطالب 1 / 157، كشاف القناع 1 / 387، مطالب أولي النهى 1 / 466، 495.
(2) سورة الحج / 77.
الْمُسِيءِ صَلاَتَهُ ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا (1) ، وَحَدَّ الْمَالِكِيَّةُ السُّجُودَ بِأَنَّهُ مَسُّ الأَْرْضِ، أَوْ مَا اتَّصَل بِهَا مِنْ ثَابِتٍ بِالْجَبْهَةِ، فَلاَ يُجْزِئُ السُّجُودُ عَلَى نَحْوِ السَّرِيرِ الْمُعَلَّقِ، وَيَتَحَقَّقُ السُّجُودُ عِنْدَهُمْ بِوَضْعِ أَيْسَرِ جُزْءٍ مِنَ الْجَبْهَةِ بِالأَْرْضِ أَوْ مَا اتَّصَل بِهَا، وَيُشْتَرَطُ اسْتِقْرَارُهَا عَلَى مَا يَسْجُدُ عَلَيْهِ، فَلاَ يَصِحُّ عَلَى تِبْنٍ أَوْ قُطْنٍ. وَأَمَّا وَضْعُ الأَْنْفِ فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ، لَكِنْ تُعَادُ الصَّلاَةُ لِتَرْكِهِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا فِي الظُّهْرَيْنِ لِلاِصْفِرَارِ، وَفِي غَيْرِهِمَا لِلطُّلُوعِ مُرَاعَاةً لِلْقَوْل بِوُجُوبِهِ. وَوَضْعُ بَقِيَّةِ الأَْعْضَاءِ - الْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ - فَهُوَ سُنَّةٌ. قَال الدُّسُوقِيُّ. قَال فِي التَّوْضِيحِ:
وَكَوْنُ السُّجُودِ عَلَيْهَا سُنَّةً لَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي الْمَذْهَبِ. غَايَتُهُ أَنَّ ابْنَ الْقَصَّارِ قَال: الَّذِي يَقْوَى فِي نَفْسِي أَنَّهُ سُنَّةٌ فِي الْمَذْهَبِ. وَقِيل:
إِنَّ السُّجُودَ عَلَيْهَا وَاجِبٌ، وَصَرَّحُوا بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ ارْتِفَاعِ الْعَجِيزَةِ عَنِ الرَّأْسِ بَل يُنْدَبُ ذَلِكَ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ: إِلَى أَنَّ أَقَل السُّجُودِ يَتَحَقَّقُ بِمُبَاشَرَةِ بَعْضِ جَبْهَتِهِ مَكْشُوفَةَ مُصَلاَّهُ؛ لِحَدِيثِ خَبَّابِ بْنِ الأَْرَتِّ قَال: شَكَوْنَا إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شِدَّةَ الرَّمْضَاءِ فِي
__________
(1) حديث: المسيء صلاته " ثم أسجد حتى تطمئن ساجدا ". تقدم ف 20.
الصفحة 66