كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 27)
رُكْنِيَّتِهِ؛ لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ (1) وَقَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْتِمُ الصَّلاَةَ بِالتَّسْلِيمِ (2) .
وَلَفْظُهُ الْمُجْزِئُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ " السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ".
قَال الْمَالِكِيَّةُ: فَلاَ يُجْزِئُ سَلاَمُ اللَّهِ، أَوْ سَلاَمِي، أَوْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ، وَلاَ بُدَّ - أَيْضًا - مِنْ تَأَخُّرِ " عَلَيْكُمْ " وَأَنْ يَكُونَ بِالْعَرَبِيَّةِ.
وَأَجَازَ الشَّافِعِيَّةُ تَقَدُّمَ " عَلَيْكُمْ " فَيُجْزِئُ عِنْدَهُمْ " عَلَيْكُمُ السَّلاَمُ " مَعَ الْكَرَاهَةِ. قَالُوا: وَلاَ يُجْزِئُ السَّلاَمُ عَلَيْهِمْ، وَلاَ تَبْطُل بِهِ الصَّلاَةُ؛ لأَِنَّهُ دُعَاءٌ لِلْغَائِبِ، وَلاَ عَلَيْكَ وَلاَ عَلَيْكُمَا، وَلاَ سَلاَمِي عَلَيْكُمْ، وَلاَ سَلاَمُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ. فَإِنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ مَعَ عِلْمِهِ بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ، وَلاَ تُجْزِئُ - أَيْضًا - سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ صِيغَتَهُ الْمُجْزِئَةَ:
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ يَقُل " وَرَحْمَةُ اللَّهِ " فِي غَيْرِ صَلاَةِ الْجِنَازَةِ لَمْ يُجْزِئْهُ؛ لأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُهُ. وَقَال: {
__________
(1) حديث: " تحريمها التكبير وتحليلها التسليم ". أخرجه الترمذي (1 / 9 - ط الحلبي) من حديث علي بن أبي طالب.
(2) حديث عائشة: " كان يختم الصلاة بالتسليم ". أخرجه مسلم (1 / 358 - ط الحلبي) .
صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي وَهُوَ سَلاَمٌ فِي صَلاَةِ وَرَدَ مَقْرُونًا بِالرَّحْمَةِ فَلَمْ يُجْزِئْهُ بِدُونِهَا كَالسَّلاَمِ فِي التَّشَهُّدِ. فَإِنْ نَكَّرَ السَّلاَمَ، كَقَوْلِهِ: سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ، أَوْ عَرَّفَهُ بِغَيْرِ اللاَّمِ، كَسَلاَمِي، أَوْ سَلاَمُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ، أَوْ نَكَّسَهُ فَقَال عَلَيْكُمْ سَلاَمٌ أَوْ عَلَيْكُمُ السَّلاَمُ، أَوْ قَال: السَّلاَمُ عَلَيْكَ لَمْ يُجْزِئْهُ لِمُخَالَفَتِهِ لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي وَمَنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ؛ لأَِنَّهُ يُغَيِّرُ السَّلاَمَ الْوَارِدَ، وَيُخِل بِحَرْفٍ يَقْتَضِي الاِسْتِغْرَاقَ.
وَالْوَاجِبُ تَسْلِيمَةٌ وَاحِدَةٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَقَال الْحَنَابِلَةُ: بِوُجُوبِ التَّسْلِيمَتَيْنِ. وَاسْتَحَبَّ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنْ يَنْوِيَ بِالسَّلاَمِ الْخُرُوجَ مِنَ الصَّلاَةِ، فَلاَ تَجِبُ نِيَّةُ الْخُرُوجِ مِنَ الصَّلاَةِ، قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الْعِبَادَاتِ؛ وَلأَِنَّ النِّيَّةَ السَّابِقَةَ مُنْسَحِبَةٌ عَلَى جَمِيعِ الصَّلاَةِ.
وَاخْتَلَفَ الْمَالِكِيَّةُ فِي اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْخُرُوجِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
الأَْوَّل: أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يُجَدِّدَ نِيَّةَ الْخُرُوجِ مِنَ الصَّلاَةِ بِالسَّلاَمِ لأَِجْل أَنْ يَتَمَيَّزَ عَنْ جِنْسِهِ كَافْتِقَارِ تَكْبِيرَةِ الإِْحْرَامِ إِلَيْهَا لِتَمَيُّزِهَا عَنْ غَيْرِهَا، فَلَوْ سَلَّمَ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ نِيَّةٍ لَمْ يُجْزِهِ، قَال سَنَدٌ: وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ.
الثَّانِي: لاَ يُشْتَرَطُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يُنْدَبُ فَقَطْ؛ لاِنْسِحَابِ النِّيَّةِ الأُْولَى. قَال
الصفحة 71