كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 27)

مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ (1) وَلَوْ كَانَتْ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ رُكْنًا لَعَلَّمَهُ إِيَّاهَا لِجَهْلِهِ بِالأَْحْكَامِ وَحَاجَتِهِ إِلَيْهِ، وَقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ (2) مَحْمُولٌ عَلَى نَفْيِ الْفَضِيلَةِ.
ثُمَّ إِنَّ كُل آيَةٍ مِنْهَا وَاجِبَةٌ، وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ بِتَرْكِهَا. وَهَذَا عَلَى قَوْل الإِْمَامِ الْقَائِل إِنَّهَا وَاجِبَةٌ بِتَمَامِهَا، وَأَمَّا عِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ: فَالْوَاجِبُ أَكْثَرُهَا، فَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ بِتَرْكِ أَكْثَرِهَا لاَ أَقَلِّهَا. قَال الْحَصْكَفِيُّ: وَهُوَ - أَيْ قَوْل الإِْمَامِ - أَوْلَى، وَعَلَيْهِ فَكُل آيَةٍ وَاجِبَةٌ.
39 - ضَمُّ أَقْصَرِ سُورَةٍ إِلَى الْفَاتِحَةِ - كَسُورَةِ الْكَوْثَرِ - أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا مِنْ ثَلاَثِ آيَاتٍ قِصَارٍ نَحْوَ قَوْله تَعَالَى: {ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (3) } أَوْ آيَةٍ طَوِيلَةٍ تَعْدِل ثَلاَثَ آيَاتٍ قِصَارٍ، وَقَدَّرُوهَا بِثَلاَثِينَ حَرْفًا.
وَمَحَل هَذَا الضَّمِّ فِي الأُْولَيَيْنِ مِنَ الْفَرْضِ، وَجَمِيعِ رَكَعَاتِ النَّفْل وَالْوِتْرِ.
40 - وَيَجِبُ تَعْيِينُ الْقِرَاءَةِ فِي الأُْولَيَيْنِ عَيْنًا
__________
(1) حديث: " إذا قمت إلي الصلاة فأسبغ الوضوء. . ". . أخرجه مسلم. 1 / 298 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة
(2) حديث: " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ". تقدم. ف 19.
(3) سورة المدثر / 21 - 23.
مِنَ الْفَرْضِ مِنَ الثُّلاَثِيَّةِ وَالرُّبَاعِيَّةِ. قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُتُونُ، وَهُوَ الْمُصَحَّحُ. وَقِيل: إِنَّ مَحَل الْقِرَاءَةِ رَكْعَتَانِ مِنَ الْفَرْضِ غَيْرُ عَيْنٍ، وَكَوْنُهُمَا فِي الأُْولَيَيْنِ أَفْضَل. وَثَمَرَةُ الْخِلاَفِ تَظْهَرُ فِي وُجُوبِ سُجُودِ السَّهْوِ إِذَا تَرَكَهَا فِي الأُْولَيَيْنِ أَوْ فِي إِحْدَاهُمَا سَهْوًا لِتَأْخِيرِ الْوَاجِبِ سَهْوًا عَنْ مَحَلِّهِ، وَعَلَى الْقَوْل بِالسُّنِّيَّةِ لاَ يَجِبُ.
41 - وَيَجِبُ تَقْدِيمُ الْفَاتِحَةِ عَلَى كُل السُّورَةِ، حَتَّى قَالُوا: لَوْ قَرَأَ حَرْفًا مِنَ السُّورَةِ سَاهِيًا ثُمَّ تَذَكَّرَ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ ثُمَّ السُّورَةَ وَيَلْزَمُهُ سُجُودُ السَّهْوِ، وَقَيَّدَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنْ يَكُونَ مِقْدَارَ مَا يَتَأَدَّى بِهِ رُكْنٌ. وَهُوَ مَا مَال إِلَيْهِ ابْنُ عَابِدِينَ قَال: لأَِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْعِلَّةَ هِيَ تَأْخِيرُ الاِبْتِدَاءِ بِالْفَاتِحَةِ، وَالتَّأْخِيرُ الْيَسِيرُ وَهُوَ مَا دُونَ رُكْنٍ مَعْفُوٍّ عَنْهُ.
وَكَذَا يَجِبُ تَرْكُ تَكْرِيرِهَا قَبْل سُورَةِ الأُْولَيَيْنِ، فَلَوْ قَرَأَهَا فِي رَكْعَةٍ مِنَ الأُْولَيَيْنِ مَرَّتَيْنِ وَجَبَ سُجُودُ السَّهْوِ؛ لِتَأْخِيرِ الْوَاجِبِ وَهُوَ السُّورَةُ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَرَأَ أَكْثَرَهَا ثُمَّ أَعَادَهَا. أَمَّا لَوْ قَرَأَهَا قَبْل السُّورَةِ مَرَّةً وَبَعْدَهَا مَرَّةً فَلاَ تَجِبُ؛ لِعَدَمِ التَّأْخِيرِ؛ لأَِنَّ الرُّكُوعَ لَيْسَ وَاجِبًا بِإِثْرِ السُّورَةِ، فَإِنَّهُ لَوْ جَمَعَ بَيْنَ سُوَرٍ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ لاَ يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ.

الصفحة 76